للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هوالوالد بالولد فكونه يتعمد قتله أمر بعيد فلذلك قال: (لا يقتل والد بولده) أي: لا يمكن أن يقتل والده عمدًا عدوانًا فإذا انتفى العمد العدوان وهو علة القتل انتفى القتل، ولهذا قال الإمام مالك إن تعمد قتل ولده تعمدًا لا شك فيه بأن أمسكه فأضجعه فذبحه قتل به، لأنه ليس هناك شبهة تقتضي رفع القتل عنه، وإن قتله عمدًا كسائر الناس فلا يقتل لاحتمال وجود الشبة، وهي الخطأ وعدم إرادة القتل.

وقال بعض العلماء- وهم قلة-: يقتل الوالده بكل حال، والقول بالتفصيل وهو إن تعمد قتله عمدًا لا شبية فيه قتل به وإلا فلا، وهذا القول هو الصحيح إن لم نقل بأن القول الصحيح أنه يقتل به مطلقًا، لعموم الأدلة، ولأن النزاع يقع كثيرًا بين الوالد وولده فيغضب الوالد فيقوم ويقتل ولده! ! صحيح أن الغالب أن الوالد يحب ولده ولا يحب أن يناله أحد بسوء ويبعد كل البعد أن يتعمد قتله، ولكن قد يقع، قتل عبد حرًا يقتل به للعموم، لو دعست البعير شخصًا هل تقتل؟ لا، على كل حال: العبد إذا قتل حراً لا إشكال فيه أنه يقتل به.

مسألة: هل يقتل الحر بالعبد؟

لكن إذا قتل حر عبدًا هل يقتل به؟ يقتل لعموم النفس بالنفس وقيل: لا يقتل به لحديث لا يقتل حر بعبد وللنظر وهو أن العبد متقوم فسبيله سبيل البهائهم والقياس هو أن أطراف الحر لا تقطع بأطراف العبد بالإجماع فكذلك لا يقتل به.

وقال بعض العلماء: بل الحر يقتل بالعبد لعموم قوله النفس بالنفس ولأنها نفس محترمة ففارقت البهائم، ولان في قتله خطأ كفارة ففارق البهائم، يعني: لو قتلت بعيرًا خطأ فعليك ضمانها، ولكن ليس عليك كفارة ولو قتلت عبدًا خطأ فعليك ضمانه والكفارة فلم يكن سبيله سبيل الأموال، وأما الأطراف فالرق أن الأطراف تقدر بالنسبة للعبد بالقيمة لا بالدية وأطراف الحر تقدر بالدية، يعني: لو قطع اليد اليسرى من الحر وقطع آخر من حر آخر اليد قطع اليمنى كم دية اليسرى، يعنى: حران قطع يد أحدهما اليمنى رجل وقطع يد أحداهما اليسرى رجل آخر كم يضمن كل رجل دية يد، ولو كان عندنا عبدان فقطع يد أحدهما اليمنى رجل وقطع يد أحدهما اليسرى رجل آخر فكم على كل واحد من الرجلين؟ التقويم اليد اليمنى في العبد تساوي ثلثي القيمة أو ثلاثة أرباع القيمة واليد اليسرى مثلها فكانت الأجزاء من العبد مقومة بالقيمة مقدرة بالقيمة ومن الحر مقدرة بالنسبة إلى الدية فهذا هو الفرق ولذلك لا تُقطع يد الحر إذا قطع يد العبد بالإجماع فهذان قولان متقابلان: القول الأول لا يقتل الحر العبد، والقول الثاني يقتل الحر بالعبد بكل حال، والقول الثالث وسط، وهو أنه إن قتل عبد غيره قتل وإن قتل عبده لم يقتل، ما الفرق؟ قالوا: إذا قتل عبد نفسه فإنه يفضُل هذا العبد بالملكية،

<<  <  ج: ص:  >  >>