سبيل الوجوب؟ نعم، الدليل أنه حد من حدود الله، وقد صرح أمير المؤمنين عمر أنه فريضة حين خطب الناس وبين أن الرجم كان آية من كتاب الله، ثم قال: وأخشى إن طال بالناس زمان أن يقولوا لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله.
ومن فوائده: جواز قتل النفس بالنفس وهل هذا على سبيل الوجوب؟
نقول: ليس على سبيل الوجوب بل هو على سبيل الجواز لأنه قال: "لا يحل" إلا بكذا، أي فيحل، والدليل على أن القصاص ليس بواجب قوله تعالى: } يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شئ فإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان {[البقرة: ١٧٨]. قال: فمن عفي له ولو كان القصاص واجبًا لم يكن للعفو محل بل يقال حتى لو عفا فالقصاص واجب.
فإن قال قائل: إذن ما الفائدة من قوله: "كتب عليك القصاص"؟
نقول: أجاب بعض العلماء بأن هذا بالنسبة للقاتل، يعني: القاتل يجب عليه أن يستسلم للقصاص وألا يعارض، أما بالنسبة لمن له الحق فهو بالخيار إن شاء أخذ به، وإن شاء عفا عنه كما يدل عليه آخر الآية وكما هو صريح في قول الرسول صلى الله عليه وسلم "ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين" إلا أن العلماء اختلفوا في مسألة وهي قتل الغيلة هل يجب فيه القصاص أو لا؟ فذهب الإمام مالك رحمه الله إلى وجوب القتل قصاصًا في الغيلة والغيلة معناه أن يقتله على غرة مثل أن يأتيه وهو نائم أو يلحقه في السوق ويقتله فإن المقتول هنا ليس بمستعد ليدافع عن نفسه فيكون القتل غيلة مما لا يمكن التحرز منه وما لا يمكن التحرز منه فإنه يجب التحرز منه أكثر فإذا قتل وجوبًا خصص قتل الغيلة، وعلى هذا فيكون الحق في قتل الغيلة للإمام لا لأولياء المقتول ويجب على الإمام أن يقتله لما في ذلك من حفظ الأمن، وهذا مذهب مالك، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حفاظًا على الحق - الحق العام - لئلا تحصل الفوضى.
ومن فوائد الحديث: جواز قتل المرتد لقوله: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث" يعني: أنه يحل، ولكنه ليس على ظاهره بالنسبة للمرتد بل قتل المرتد واجب وهل هو حد؟ القصاص فهمنا أنه ليس بحد على غير قتلة الغيلة الذي فيه الخلاف لأن القصاص حق لأولياء المقتول إن شاءوا عفواً فليس بحد لكن قتل المرتد هل هو حد؟ ليس بحد لأنه يمكنه أن يتوب فيرتفع عنه القتل والحد لا يرتفع بالتوبة لو ثبت على الزاني الزنا عند القاضي وقال إنه تاب