لا نستن به، فما دام هذا الحديث ضعيفا فإنا إما أن نرجع إلى أهل الطب في الأمر، وما هي الجلسة التي تكون أهون لخروج الخبث، وإما أن يكون الإنسان طبيب نفسه، هل إذا قعد مستقيما يكون أريح له وأسهل لخروج الخبث؛ أو إذا انحرف يسيرا، أو إذا اتكأ على اليمنى يسيرا، أو على اليسرى يسيرا، الإنسان طبيب نفسه في هذا وهو يعلم.
فإذا قال أهل الطب: إن الأحسن الجلسة الفلانية، وليس في الشريعة ما يدل على جلسة معينة، فإننا نأخذ بكلامهم؛ لأن هذه المسائل تتعلق بصحة البدن تعلقا كبيرا، والمرجع فيما يتعلق بصحة البدن إلى من؟ إلى الأطباء، لكن لو فرض أنه تعارض قول الطبيب وما جاءت به السنة قدم ما جاءت به السنة؛ ولهذا لما وصف النبي صلى الله عليه وسلم للرجل المبطون العسل، فشرب العسل؛ فزاد بطنه انطلاقا؛ فجاء أخوه إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام- قال له: يا رسول الله، أخي شرب العسل، ولكن زاد بطنه، قال:"صدق الله وكذب بطن أخيك". فأي مادة أو قاعدة أو ضابطة يعارض ما صحت به السنة وجاء القرآن من الطب فإننا لا نقبله؛ لأن الكلام صدر ممن - إذا كان في الكتاب والسنة-؟ من الله عز وجل وهو العليم الخبير، وما يقوله الأطباء فهو إما عن تجارب، أو عن قرائن قد تخطئ وقد تصيب.
على كل حال: لو صح هذا الحديث لقلنا به، وقلنا: يستحب للإنسان أن يفعل هذا، وأما إذا لم يصح فقد كفينا إياه؛ ولهذا ينبغي لنا عند المناظرة والمجادلة أن نهدم الدليل من أصله قبل كل شيء، قبل المجادلة في معناه، فإذا لم يكن في القرآن ولا في السنة المعلومة الصحة، قلنا لمن أدلى به: نطالبك بصحة الدليل كما كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يجادل الرافضي في منهاج السنة بهذه العبارة أو ما يسوق كلام الرافضي يقول: الوجه الأول أننا نطالبك بصحة الدليل، وإذا لم يصح الأصل بقي الفرع، وهذه قاعدة قد بينه الإنسان إذا أورد عليه المجادل حديثا ربما أن هذا المجادل لا يعلم عن صحة الحديث فيظنه صحيحا ثم ينبهت، وما أكثر المجادلين أهل البدع، وأعني بذلك: أهل البدع الذين يأتون بالأحاديث الضعيفة، ولذلك أدمغ رءوسهم قبل كل شيء بالمطالبة بصحة النقل، ثم إذا ثبتت صحة النقل حينئذ نتكلم في المدلول.
٩٨ - وعن عيسى بن يزداد، عن أبيه رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا بال أحدكم فلينتر ذكره ثلاث مرات". رواه ابن ماجه بسند ضعيف.