ومن فوائد الحديث: أن من مات على حال الاستكبار عن طاعة ولي الأمر وعلى حال مفارقة الجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية لأن أهل الجاهلية ليس لهم إمام وليس لهم دين ينطون تحته فهو يموت ميتة جاهلية، والخوارج هل هم كفار مرتدون يعاملون معاملة الكافر فإذا مثلاً اسطلي عليهم سُبيت نساؤهم وقتل المقاتل منهم أو هم بغاة فسقة؟ هذه المسألة فيها خلاف طويل عريض بين العلماء أولاً لابد أن نعرف من همن الخوارج؟
الخوارج هم الذين خرجوا على الإمام يعتقدون كفره ليس بتأويل سائغ، يقولون: إنه كافر يخرجون عليه يقاتلونه مقاتلة الكفار والإمام لابد أن يقاتلهم فهل هم كفار يعاملون معاملة الكافرين وذلك لأنهم استحلوا دماء المسلمين المحرمة بالنص والإجماع وإنهم بغاة فسقة يعاملون معاملة البغاة فإذا قال قائل: ما الفرق بين عاملة البغاة والخوارج؟ قلنا: الفرق ظاهر البغاة يُقاتلون حتى يفيئوا إلى أمر الله لقوله تعالى: (فقاتلوا التي تبغى حتَّى تفئ إلى أمر الله) فإذا فاءوا إلى أمر الله تُركوا والخوارج يقاتلون مقاتلة الحربيين، يعني: يُقتل من يُقاتل منهم ويلحق من يفر ويجهز على الجريح وتسبى ذريتهم وتغم أموالهم كالحربيين تمامًا، والمسألة فيها خلاف فالمشهور من مذهب أحمد رحمه الله أن الخوارج بغاة فسقة وليسوا كفارًا فيعاملون معاملة البغاة إذا انكفوا كففنا عنهم ولا نجهز على الجريح ولا نغم الأموال ولا نسبي الذرية لأنهم فساق والفاسق يُقاتل على وجه الضرورة حتى يندفع شره وضرره.
القول الثاني يقول: إن الخوارج كفار مارقون عن الإسلام، يقاتلون مقاتلة الحربيين من أهل الكفر، وبناء على هذا القول يكون كأن الذي أمامنا مشركون أو يهود أو نصارى إذا قدرنا عليهم قتلناهم، وإذا أدبروا اتبعناهم وإذا جُرحوا أثخنا عليهم ونغم أموالهم ونُسبي نساءهم وذريتهم هذا إذا قلنا: إنهم كفار وقد اختار صاحب الإنصاف، والتنقيح أنهم كفار وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، أنهم كفار مرتدون لاستحلالهم دماء المسلمين وعلى هذا فيعاملون معاملة الكفار المرتدين قال صاحب الإنصاف هذا هو الصواب الذي ندين الله به واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية". وحثه صلى الله عليه وسلم على قتالهم وهذا يدل على كفرهم لكن الذين قالوا بأنهم فسقة يعاملون معاملة البغاة قالوا إنهم يمرقون من الإسلام لكن عندهم شبهة فلا نخرجهم من الدين إلا بيقين وعلى هذا القول