للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يتولى إقامة الحد على قذفه؟ لا، إلا أن يكون في بلد لا يحكم فيها بالإسلام فله إقامة الحد لتعتذر إقامته من ولي الأمر أما إذا كان هناك ولي أمر فإنه هو الذي يتولى ذلك، ولهذا جاء في الآية الكريمة قال: (فاجلدوهم ثمانين جلدة) [النور: ٤]. فجعل الحكم موكولاً إلى ولي الأمر، في القصاص لو أن إنسانًا قتل شخصًا فأراد وليه أن يقتله فهل له ذلك؟ ليس له ذلك اللهم إلا أن يكون في بلد لا يحكم فيه بالإسلام فله ذلك ما لم يخش فتنة اكبر فإن خشي فتنة أكبر فلا يقتص ولهذا منع عثمان رضي الله عنه من الدفاع عن نفسه خوفاً من الفتنة.

فإن قال قائل: ما الفرق بين هذه المسائل التي ذكرت وبين مسألة المطلع على البيت؟

نقول: لأن المطلع على البيت لا يمكن التأخير فيه لأنك لو أخرت فتذهب للحاكم وتثبت المسألة فيهرب من حين ما يفتح الباب بخلاف صاحب القذف أو القصاص أو ما أشبه ذلك وهل يلحق التسمع والتصنت بالنظر، يعني: لو أن إنسانًا جعل أذنه على شق الباب يستمع ما يقال في هذا البيت فجاء إنسان وقذف هذه الأذن بحصاة أو جاء بالمدرأ ووخذها فهل يلحق بالنظر أو لا؟ الصحيح أنه لا يلحق وذلك لأن إدراك النظر للعورة أقوى من إدراك السمع فلا يقاس عليه فالمطلع الذي يشاهد ليس كالذي يسمع، يعني: لو فرضنا أن إنسانًا مع أهله فليس إطلاع الناس عليه وهو مع أهله كسماعهم لكلامه معهم.

قال: وفي لفظ لأحمد والنسائي وصححه ابن حبان "فلا دية له ولا قصاص" يعني: بدلاً من قوله: "لم يكن عليك جناح"، "لا دية" ومعروف أن دية العين نصف الدية كاملة؛ لأنه بفقأها أذهب بصره وهي منفعة مستقلة وقوله: "ولا قصاص" كذلك أيضًا لا يقتص منه لأنه لم يتعمد إثمًا.

فإن قال قاتل: هل هناك فرق بين هذا اللفظ وبين لفظ الصحيحين؟

قلنا: لا فرق من حيث المعنى لأن لفظ الصحيحين دل على أنه لا دية له ولا قصاص بالالتزام، لأنه من لازم انتفاء الدية والقصاص وعلى هذا فيكون قد انتفى عنه الإثم والدية والقصاص وهذا مطابق للقاعدة المعروفة أن ما ترتب على المأذون فهو غير مضمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>