سب القرآن والاستهانة به وطلب تناقضه واختلافه ومخالفته للواقع، يعني: طلب القدح في القرآن بأي وسيلة كفر (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون * لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) كما أن سب الصحابة رضى الله عنهم واعتقاد أنهم كفروا أو فسقوا إلا نفرًا قليلاً منهم كفر مخرج عن الملة، وليس صاحبه من أهل الإسلام في شيء، كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وهو الحق.
ففي هذا الحديث عدة فوائد: أولاً: أم من سبٌ النبي صلى الله عليه وسلم فدمه هدر وظاهر هذا الحديث أنه لا يستتاب لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبن أنه كان يجب أن يستتبها إلا أن يقال إن نهيه إياها وامتناعها عن الانتهاء بمنزلة الاستيتاب.
وعلى كل حال: فمن سب الله عز وجل أو رسوله فهو كافر مرتدٌ لا إشكال فيه، ولكن يبقى النظر إذا تاب هل تقبل توبته أو لا؟ فالمشهور من المذهب انه لا تقبل توبة من سب الله أو رسوله، لأن هذا كفر ليس بعده كفر هذا أعظم الكفر من جعل الله ندًا فهو كافر لكن من سب الله فهو أعظم ممن جعل لله ندًا لن سب الله بجعل الند سب ضمني والسب الصريح أقوى في الاستهانة وعلى هذا فمن سبَّ الله أو رسوله حتى لو قال إنه تاب فإنه لا يقبل منه ذلك-هذا هو المشهور من المذهب- وعللوا ذلك بعظم كفره وكذلك من سب القرآن فإنه لا تقبل توبته لأن سب القرآن سبٌ لله عز وجل فمن سب القرآن فإنه لا تقبل توبته لعظم كفره وقيل: تقبل التوبة ممن سب الله ورسوله لقوله تعالى: (قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ... )[الزمر: ٥٣]. يغفر الذنوب جميعًا مهما عظمت ولقول النبي صلى الله عليه وسلم التوبة تهدم ما قبلها ولقوله لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ولعموم قوله تعالى:(إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب ... )[النساء: ١٧].
والقريب الذي في التأبين هب التوبة قبل الموت ولأن الله تعالى قال:(ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم)[الأنعام: ١٠٨]. وهذا يدل على أن المشركين لا يبالون إذا سبوا الله لكنهم قد لا يسبون الله تعالى إذا انتهينا عن سب آلهتهم وهذا القول هو الصحيح أن من سب الله أو كتابه أو رسوله ثم تاب فتوبته مقبولة لعموم الأدلة لكن إذا كان السبٌ لله أو كتابه ارتفع عنه القتل، يعني: لا يُقتل لأن الله تعالى قد أخبرنا بأنه يعفو عن حقه في التوبة وإذا عفا، انتهى كل شيء وأما من سب الرسول صلى الله عليه وسلم فإننا نقبل توبته لكن نقتله لا كفرًا بل نقتله ونغسله