١١٧٩ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قذف مملوكه يقام عليه الحدُّ يوم القيامة، إلا أن يكون كما قال". متَّفقٌ عليه.
قوله:"من قذف مملوكه" هل "من" شرطية أو موصولة؟ أما كونها موصولة فلا إشكال فيه؛ لأن قوله:"يقام عليه الحدُّ" مرفوع؛ يعني: لا إشكال بأن يأتي اسم الموصول مبتدأ وخبره فعل مضارع مرفوع، لكن إذا كانت شرطية فهنا إشكال كيف رفع الفعل المضارع وهو جواب الشرط؟ والجواب عن ذلك: أنه إذا كان فعل الشرط ماضيًا وجوابه مضارعًا جاز رفع المضارع وجزمه، وفي هذا يقول ابن مالك:
وبعد ماضٍ رفعك الجزا حسن ... ورفعه بعد مضارعٍ وهن
يعني: أنه يجوز إذا كان جواب الشرط فعلًا مضارعًا وفعل الشرط فعلًا ماضيًا يجوز لك في الجواب وجهان الأول: الجزم وهو الأصل، والثاني: الرفع، فهل في مثل هذه العبارة نسلك ما لا إشكال فيه، أو نسلك ما فيه إشكال لنزيل الإشكال؟ أما الذي لا يعرف النحو سيقول: نسلك الأول ونستريح، والذي يريد أن يعرف النحو ويتعمق فيه يقول: سأسلك الذي فيه الإشكال حتى ينحل عني الإشكال.
قوله:"من قذف مملوكه" أي: قال له: يا زان أو يا لوطي، يقام عليه الحد يوم القيامة؛ لأن يوم القيامة هو الذي يظهر فيه العدل ظهورًا كاملًا، والمملوك في الدنيا لا يستطيع أن يطالب سيده في أن يقام عليه الحد؛ لأنه يخشى منه، ولأنه قد لا يصدّق في دعواه أنه قذفه ... إلى غير ذلك من الأسباب التي قد لا تمكِّن المملوك من إقامة الحد على سيده بقذفه إيام ثم إن قلف السيد لمملوكه بالزنا أو اللواط يعود ضرره على السيد، لأن هذا المملوك إذا كان موصوفًا بهذا الوصف من قبل سيده فإن قيمته سوف تنزل، ولهذا لا يقام الحد على السيد؛ لأن الغالب أنه إذا قال ذلك فإنما يقول عن يقين أو غلبة ظن؛ إذ لا يمكن أن يصف عبده بصفة تنزل بها قيمته لأن هذا ضرر عليه في هذا الحديث عدة مسائل: المسألة الأولى: إثبات الملكية للبشر لقوله: "من قذف مملوكه"، وهذا الحكم ثابت بالقرآن والسُّنة، قال الله - تبارك وتعالى -: {إلَّا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنَّهم غير ملومين}[المعارج: ٣٠]. والسُّنة كما رأيتم، وأجمع العلماء علي ثبوت الملكية للبشر.
ومن فوائد الحديث: تحريم قذف السيد لمملوكه، وجه ذلك: أنه يعاقب عليه يوم القيامة.