بالشم وليس بالشرب هل يسكر؟ إن نظرنا إلى عموم قوله:"الخمر ما خامر العقل" قلنا: إنه يسكر وحكمه حكم الخمر الذي يؤكل ويشرب؛ لأنه الآن يستعملون أشياء بالرائحة إذا شمها سكر وصار يهذي كالمجنون.
من فوائد الحديث: ومنطوقه وهو: "أن كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام"، مفهومه: أن ما لا يسكر حلال وهذا هو المفهوم.
١١٩٩ - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما اسكر كثيره فقليله حرام". أخرجه أحمد والأربعة، وصححه ابن حبان.
قوله:"ما أسكر كثيره" يعني: ولو لم يسكر قليله حرام، قوله:"ما أسكر" يحتمل أن تكون "ما" موصولة، ويحتمل أن تكون شرطية، والأقرب أن تكون شرطية لدخول الفاء فى الجواب؛ لأنه قال: فقليله حرام.
فيستفاد من هذا الحديث: أولًا: سد الزرائع.
ومن فوائد الحديث: أنه إذا لم يسكر لا القليل ولا الكثير فإنه ليس بحرام، ولكن ليعلم أن بعض الناس فهم من هذا الحديث أن الذي فيه جزء من مسكر يدخل فى الحديث، وأنه لو كان فيه جزء من ألف جزء من المسكر فهو حرام لقوله:"ما أسكر كثيره"، ولكن هذا خطأ، بل معنى الحديث: أن الشيء إذا سكر مع كثرة الشراب لا مع قتله صار القليل حرامًا؛ يعني مثلًا: يوجد شراب إن شربت من عشرة أكواب حدث السكر وإن شربت خمسة لم يسكر ماذا نقول؟ هو حرام، يوجد شراب فيه مادة من الكحول تساوي واحدًا في المائة من مكوناته فماذا نقول؟ هذا حلال وليس بخمر؛ لأنه إذا اختلط الخمر بغيره نظرنا إن كانت النسبة كبيرة بحيث يؤثر هذا الخمر الذي يسمى الآن الكحول على الطاهر صار حرامًا، وإن كانت النسبة قليلة خمسة في المائة أو ثلاثة في المائة فإنه ليس بحرام، وإذا شككنا فالأصل الحل، هل لنا أن نجرب فيما شككنا فيه؟ نعم لنا أن نجرب؛ لأنه لم يثبت التحريم بعد، والتجربة لأجل دفع الوهم، فإذا جربنا هذا الشراب الذي شككنا فيه فلا بأس به.