للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"فكن فيها يا عبد الله المقتول" "عبد" هنا يجوز أن تكون منصوبة على أنها خبر "كن"، ويجوز أن تكون منصوبة على أنها منادى وحرف النداء محذوف، أي: كن فيها يا عبد الله المقتول، فعلى الأول تكون، "المقتول" صفة لعبد الله، وعلى الثاني أن "عبد" منادى "تكون" "المقتول" خبر كان، أي: كن يا عبد الله المقتول ولا تكن القاتل، وهذا يعني: أنك لا تدافع عن نفسك في الفتن؛ لأن المدافعة عن النفس في الفتن قد يكون فيها شر كثير وذلك كما جرى لأمير المؤمنين رضي الله عنه الخليفة الثالث بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه نهى أن يدافع عنه، بل قال لغلمانه كل إنسان لا يدافع عني فهو حر، فتركوا الدفاع عنه؛ لأنه يحصل بذلك قتل كثير في المدينة النبوية، فهو رضي الله عنه فدى بنفسه دماء المسلمين وحقنها ولا يقولون عن عثمان: إنه فدى بنفسه دماء المسلمين وحقنها مع أن الواضح جدًا أن الثاني هو الحق، أي: أن عثمان رضي الله عنه أراد أن يفدي بنفسه دماء المسلمين وليقتل شهيدًا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما صعد جبل أحد واهتز بهم وارتجف قال: "اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان"، النبي: محمد صلى الله عليه وسلم والصديق: أبو بكر، والشهيدان: عمر، وعثمان رضي الله عنهما، فالحاصل أنه اختار ذلك، ولهذا قال العلماء: يجب عليه الدفاع عن نفسه إلا في الفتنة فلا يجب، ولكن إذا قلنا: لا يجب هلى معنى ذلك أنه يحرم الدفاع عن نفسه في الفتانة أو ينظر للمصلحة؟ الجواب: الثاني، قد يكون الإنسان في مكان فيه فتنة وفيه قتال، لكن يمكن أن يقتل من صال عليه بدون أن يحصل بذلك فتنة، حينئذ نقول اقتل، وقد يكون بالعكس لو قتله لثارت القبائل؛ لأنه من قبائل كبيرة فتثور ويحصل بذلك فتنة، فالحاصل: أنه في غير الفتنة في حكم الدفاع عن النفس أنه واجب، وفي الفتنة لا يجب لكن ينظر الإنسان للمصلحة قد تكون المصلحة بالمدافعة ولو بالقتل وقد تكون بعدم المدافعة، والإنسان ينظر إلى المصالح العامة فيقدمها على المصالح الخاصة؛ لأن تقديم المصالح العامة هو شرع الله، يعني: يتوافق الشرع والقدر في تقديم المصالح العامة، على المصالح الخاصة، أرأيتم المطر مصلحة عامة لكن يأتي إنسان صب صبة السقف قبيل نزول المطر ما شأن هذا المطر بالنسبة له؟ ضرر له لكن هذا الضرر يزول ويضمحل، فالحكم القدري والحكم الشرعي من ربنا وله الحكمة البالغة تقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة، فأنت انظر في حال الفتنة هل من المصالحة أن تدافع عن نفسك أو من المصلحة أن

<<  <  ج: ص:  >  >>