وفي الصيف من أجل أن يصطاد وإن لم يكن محتاجًا إلى الصيد، بل ربما يصطاد الصيد ثم يهبه لأحد من الناس، فالإنسان الشجاع يجب أن يقاتل، لأنه شجاع يريد أن ينفذ هذا الخلق الذي أعطاه الله إياه ويقاتل ليرى مكانه، وفي رواية: يقاتل رياء يعني: يرائي الناس بأنه شجاع وأنه يقاتل في سبيل الله، فقال النبي صلي الله عليه وسلم كلمة جامعة مانعة:"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا"، فـ"من قاتل" هذه شرطية، و"لتكون" اللام للتعليل، و"كلمة" هي دينه، و"العليا" يعني: فوق كل الأديان، "فهو في سبيل الله" هذا جواب الشرط، هذه الكلمة جامعة مانعة لها منطوق ولها مفهوم، منطوقها: أن من قاتل بهذه النية الطيبة فهو في سبيل الله، مفهومها: أن من قاتل على خلاف ذلك فليس في سبيل الله.
ففي هذا الحديث: الحث على إخلاص النية في الجهاد.
وفيه الإشارة إلى أن الجهاد إنما شرع لهذا الغرض لتكون كلمة الله هي العليا لا لإكراه الناس على الدين، ولهذا سيأتينا في حديث بريدة أننا لا نكره الناس علي الدين لكننا نكرههم على ألا يعارضوا ولا أن يقوموا في وجهه، نقاتلهم على أن تكون كلمة الله هي العليا.
ومن فوائد الحديث: أن الناس يختلفون اختلافًا كثيرًا في الجهاد في سبيل الله، ، منهم من يجاهد في سبيل الله، ومنهم من يجاهد في غير سبيل الله حسب النية.
ومن فوائد الحديث: أن للنية أثرًا بالغًا في قلب الأعمال إلى صالحة أو إلى فاسدة لقوله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا".
ومن فوائد الحديث: أن الإسلام دين عزيز، لا ينبغي للمسلم أن يرضى أن يكون دين فوقه لقوله:"أن تكون كلمة الله هي العليا".
وعلى كل حال: هذا منوط بالقدرة: لقوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}[التغابن: ١٦]. وهذا شبيه قول النبي صلي الله عليه وسلم في طالب العلم:"إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع"، وهذا عند الإخلاص، أما عند عدم الإخلاص فقد قال:"من طلب علمًا مما يبتغى به وجه الله لا يريد إلا أن ينال عرضًا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة". وذلك لفساد النية.