للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شعائر دين الكفر مع شعائر دين الإسلام في المدينة، فإما هذا وإما هذا وهو إشارة إلى وجوب أن تمحيص هذه الجزيرة للمسلمين.

فما هي الجزيرة؟ الجزيرة حدودها: من الشمال الشام الشامل لسوريا وفلسطين وما والاها، وحدودها من الغرب البحر الأحمر وحدودها من الشرق العراق وحدودها من الجنوب اليمن، هذه جزيرة العرب، وسميت جزيرة من باب التغليب على خلاف المعروف عند الجغرافيين؛ لأن الجزيرة عند الجغرافيين هي ما جزر عنه الماء في وسط البحر، فيكون البحر محيطًا بها من كل جانب أما الجزيرة العربية فإنه لا يحيط بها البحر من كل جانب، ولهذا يعبر بعضهم بشبه الجزيرة؛ لأنها ليست جزيرة كاملة، هذا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أخبر بأنه يؤكد إخراج هؤلاء من جزيرة العرب.

وورد عنه فيما رواه أهل السنن أنه أمر بذلك فقال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" وفي مرض موته صلى الله عليه وسلم أوصى أمته فقال: "أخرجوا المشركين من جزيرة العرب".

وعلى هذا فالواجب على المسلمين إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب وإخراج المشركين من جزيرة العرب وقد ذكرنا آنفًا الحكمة في ذلك.

فإن قال قائل: يرد على هذا أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع وأقره ولم يجلهم إلا عمر بن الخطاب لسبب من الأسباب؟

فالجواب أن نقول: إن إقامة اليهود والنصارى في الجزيرة على نوعين:

النوع الأول: على وجه الإذلال وأنهم عمال من جملة العاملين، فهذا لا بأس به لكن بشرط أن نأمن شرهم فإنه لا يجوز أن يبقوا.

والثاني: إقامة استيطان فهذا هو الذي منع منه الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بإخراجهم، بقاء اليهود في خيبر من النوع الأول، فلهذا قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في العقد الَّذي جرى بينهم: "نقركم على ذلك ما شئنا" ولما استغنى المسلمون عنهم في عهد عمر رضي الله عنه ولما حصل منهم من الغدر أجلاهم إلى أذرعات في الشام وإلى مواطن أخرى.

فالحاصل أن نقول: إن المراد استيطان اليهود والنصارى والمشركين في المدينة هذا ممنوع ويجب على ولي الأمر منعه؛ لأنهم إذا استوطنوا سوف يطالبون بطلب المواطن من المدارس والمعابد وغيرها من الحقوق لا سيما الدين وهذا يوجب إشكالاً كبيرًا؛ لأنهم إما أن يجابوا فيجتمع دينان في جزيرة العرب، وإما ألاَّ يجابوا فيحصل منهم شر وبلاء؛ لهذا يمنع استيطان اليهود والنصارى والمشركين في الجزيرة مطلقًا بأي حال من الأحوال، أما بقاؤهم بأنهم عمال فهذا لا بأس به ما لم يؤد إلى شر وفساد فإن خيف شرهم وفسادهم فإنهم لا

<<  <  ج: ص:  >  >>