أنس بن مالك رضي الله عنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم ويعلم من أحواله في بيته ما لم يعلمه كثير من الرجال يقول:«كان يضحي بكبشين» والكبش ذكر الضأن الكبير، «أقرنين» يعني: لهما قرون وإنما اختار هذين لعظمهما ولأن ماله قرون أكمل مما ليس له قرون فإن وجود قرونه من كمال الخلقة وهو أيضاً يدل على قوة الخروف وشدته لأن هذا الذي له قرون تجده عند المناطحة يهزم ما يناطحه من الضأن وحينئذ يكون له قوة معنوية جسدية وقوة في مصارعة العدة، «ويسمى ويكبر» وفسر ذلك بقوله في اللفظ الآخر يقول: «بسم الله والله أكبر» والتسمية سبق أنها شرط لحل الذبيحة والتكبير سنة وإنما شرعت التسمية هنا لأنها شرط لحل الذبيحة وشرع التكبير لأنه تعظيم لله والذبح تقربا إليه تعظيم له فيحصل التناسب بين التعظيم الفعلي والتعظيم القولي أما بسم الله فقد مر علينا كيف إعرابها أنها متعلقة بمحذوف يقذر فعلا متأخراً مناسباً، لأن الأصل في العمل الأفعال.
ولهذا تعمل الأفعال بلا شرط وما ينوب عنها في العمل لابد فيه من شروط عمل المصدر عمل اسم الفاعل عمل اسم المفعول عمل الصفة المشبهة كله لابد فيه من شروط، ومناسباً لأنه أدل على المقصود مثلا تقرأ فتقول: باسم الله أقرأ يجوز أن تقدرها باسم الله ابتدأ لكن إذا قلت باسم الله أقرأ صار أدل على المقصود، ومتأخراً تيمناً بالبداءة باسم الله، والثاني: إفادة الحصر لأن تقدير ما حقه التأخير يدل على الحصر.
كيف تقدر إذا أردت أن تذبح فقلت باسم الله؟ باسم الله أذبح، أما الله أكبر فهي مبتدأ وخبر وقد عرفنا أن الحكمة من التكبير هنا هو أن يتفق الفعل والقول على تعظيم الله عز وجل، ويضع رجله على صفاحهما يضع رجله عند الذبح إذا أضجعهما وضع رجله على صفحتي عنقيهما من أجل أن يضبطها عن الاضطراب والتحراك؛ لأنها لو اضطربت وتحركت ربما لا يأتي ذبحها على وجه مطلوب وربما ترجع السكين على يده اليسرى فلابد من أن يضع رجله على صفاحهما.
لكن هذا الوضع هل هو وضع هين أو وضع شديد بحيث يضبط البهيمة؟ الثاني بلا شك لأن مجرد الوضع لا يفيد وفي لفظ:«ذبحهما بيده» وهذا تصريح بالمراد بقوله يضحى وإلا لم تأت هذه لكان كلمة يضحى يحتمل أن يكون يذبحهما بيده أو يأمر من يذبحهما لكن إذا جاء التصريح صار أبلغ «بيده» بيان للواقع مثل كتب بيده بيان للواقع
وقوله: أملحين الأملح هو الأبي سمي بذلك لأنه يشبه الملح في البياض وقيل الأبيض الذي خالطه سواد فصار كالرصاص أبيض وأسود ثم هل هذا مقصود هذا اللون أم لا؟ سيأتينا في الفوائد، وفي لفظ سمينين من السمنة وهي كثرة اللحوم والشحم، ولأبي عوانة ثمينين