إذن «اشحذيها» أمريها على الحجر لتكون حادة، وقوله:«بحجر» لئلا تشحذها بمدر، «المدر» هو الطين اليابس هو لا يشحذ الشفرة؛ لأنه إذا أمررت الشفرة عليه تفتت ولم يؤثر فيها شيء، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:«اشحذيها بحجر» لئلا تبادر فتشحذها بمدر أو على الأرض مثلاً، ففعلت ثم أخذها فأخذه فأضجعه، أخذ المدية أولاً ثم أخذه فأضجعه، وهذا هو الأولى إلا إذا كان الإنسان غير قوي بحيث يخشى أنه إذا حاول إضجاع البهيمة بدأت تتحرك وتضطرب فربنا عاد السكين إلى يده لعلم قوته وشده إياه، ففي هذه الحال نقول: أضجعها أولاً ثم خذ المدية، ثانياً: تقول: «ثم ذبحها ثم قال: بسم الله» ثم هنا للترتيب الذكري وليست للترتيب المعنوي لأن التسمية تكون قبل الذبح لا شك، يذكر اسم الله ثم تمر السكين ثم ذبحه، ثم قال: بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد ثلاثاً محمد صلى الله عليه وسلم وآل محمد، وأمة محمد، أما محمد فهو نفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم وأما آل محمد فهم المؤمنون من قرابته وليسوا كل قرابة؛ لأن أبا لهب وأبا طالب ليسا من آله، أما العباس وحمزة فمن آله، ، ، ، فالمراد بآله المؤمنون من قرابته في مثل هذا السياق، ومن أمة محمد، يعني: أمة الإجابة الذين أجابوه واتبعوه واقتدوا به في النحر فسأل الله أن يتقبل من أمة محمد، والأمة تطلق على معان متعددة منها: الطائفة، ومنها: الزمن، ومنها: الإمامة، ومنها: الملة، هذه أربعة أشياء.
مثال إطلاق الأمة على الملة {إنا وجدنا آباءنا على امة}[الزخرف: ٢٣]{إن هذه أمتكم أمة واحدة}[الأنبياء: ٩٢] إذا قلنا: أمة بمعنى ملة، ويحتمل أن تكون بمعنى طائفة في الآية، وبمعنى الإمام {إن إبراهيم كان أمة}[النحل: ١٢] أمة بمعنى: زمن {وقال الذي نجا منهما وأذكر بعد أمة}[يوسف: ٤٥]. الرابع بمعنى الطائفة {وإن هذه أمتكم أمة واحدة}[المؤمنون: ٥٢].
ثم ضحى به أيضا هذا ترتيب ذكري هذا الظاهر؛ لأن التضحية به كانت بذبحه.
من فوائد الحديث الأول- حديث أنس-: مشروعية التضحية لقوله: «كان يضحى» وقد ثبتت مشروعية التضحية بأنواع السنة الثلاثة بقوله وفعله وإقراره، أما قوله فإن حث صلى الله عليه وسلم على الأضحية وأمر بها وهذا في عدة أحاديث، وأما فعله فكما في هذا الحديث، وأما إقراره فإنه يرى أصحابه يضحون ويقرهم على ذلك.
أما القرآن فقد دل على عموم التقرب إلى الله تعالى بالذبح في قوله تعالى:{ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا أسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام}[الحج: ٣٤].
ومن فوائد الحديث: كرم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يختار الأفضل لقوله: «بكبشين» ووجه الكرم التعدد، والثاني: كونهما كبشين فهذا كرم بالكمية وكرم بالكيفية، فهل نقول: إنه كلما تعددت الأضحية كانت أفضل أو نقول: الأفضل الاتباع؛ لأنها عبادة؟ الظاهر الثاني وهو أن الأفضل