فعلى كل حال: نرى أنه إذا خيف من هذه المفاسد أن يقال: تبنى على القاعدة العامة وهي أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح، على أن هذا ليس بسنة لكل أحد؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر بعض الصحابة الذين ضحوا في بيوتهم، أقرهم على ذلك وهو لم يأمر أن يذبح في المصلى، ولكن فعل وهذا أيضا مما يهون المسألة إذا قلنا إن هذه سنة أميتت، والسنة إذا أميتت يجب أن تحيا، ويكون إحياؤها واجباً، نقول: الحمد لله علم الرسول أن بعض المسلمين ذبحها في مكانه.
ومن فوائد الحديث: أن من ذبح قبل الصلاة وجب عليه الضمان أن يذبح شاة «مكانها» وتأمل قوله مكانها لتستفيد منه أنه لابد أن يكون البدل مثيلاً للمبدل فإن كان أحسن كان أولى.
ومن فوائد الحديث: أن العبادة إذا فعلت قبل وقتها فإنها لا تجزئ ولو كان عن جهل لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستفصل وعلى هذا فلو أن الإنسان صلى الظهر قبل زوال الشمس ظناً منه أن الشمس قد زالت أو أنه يجوز أن يصلي قبل الزوال فإن صلاته لا تجزئه عن الفريضة لكنها تجزؤه نافلة، لأنه لم يوجد في الصلاة ما يبطلها إلا أنها قبل الوقت فتكون نافلة له، ولهذا من عبارات الفقهاء في هذا الموضع ينقلب نفلاً ما بأن عدمه، كفائته لم تكن، وفرض لم يدخل وقته فائتة لم تكن، يعني: إنسان ظن أنه نسي صلاة الظهر فصلاها بناء على أنه نسيها ثم تبين أنه قد صلاحا نقول: الثانية تكون نفلاً، وكذلك الفرض قبل دخول وقته إذا ظن أن وقته قد دخل وصلى فإنه يكون نفلاً لكن الرسول صلى الله عليه وسلم صرح في الحديث الآتي أو الذي لم يأت لكنه مفهوم صرح بأن الأضحية إذا ذبحت قبل الصلاة فإنها شاة لحكم.
وعلى هذا فلا تكون عبادة والفرق أن الأضحية لا تصح نفلاً ولا فريضة قبل دخول الوقت، وأما صلاة الفريضة قبل دخول وقتها فإنها تكون نافلة لأن النفل يجوز في غير وقت الفريضة.
ومن فوائد الحديث: وجوب البدل على من ذبح قبل الصلاة، الدليل «فليذبح» واللام للأمر، ويقاس على ذلك من أتلفها بغير نية التقرب فإنه يلزمه ضمانها، يعني: لو عين شاة على أنها أضحية ثم ذبحها لضيف نزل به فإنه يجب عليه أن يذبح أضحية بدلها مكانها بمعنى: أن الأضحية البدل تكون مثل المبدل من جهة الحسن والطيب وإذا كانت أطيب فلا بأس.
ومن فوائد الحديث: وجوب الذبح على اسم الله لقوله: «ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله» وسبق لنا أن التسمية شرط وأنها لا تحل الذبيحة بدون تسمية، سواء أتركها ناسياً أو جاهلاً أو عامداً.