التي لا مخ فيها وهي شابة لا تكون كالعجوز الكبيرة؛ لأن العجوز الكبيرة لحمها فاسد وليس فيها مادة قوة التي هي المخ فالظاهر لي-والله أعلم- أن التي لا مخ فيها وهي شابة لا يمنع ذلك إجزاءها.
هذه الأربع ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم محصورة بالعدد، والعدد غالباً مفهومه مخالفة؛ لأنه في الحقيقة يؤول إلى صفة لأن «أربع» هو البالغ هذا العدد، فعلى هذا يكون مفهومه مفهوم الصفة إن لم يكن أشد دلالة على الحصر، وعلى هذا فما سوى الأربع يجزئ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حصرها في مقام الخطابة، وجواباً للسؤال وهذا كله يؤيد أن الذي لا يجزئ محصور بهذا العدد وبهذه الموصوفات بهذه الصفات.
نرجع إلى الفوائد نقول في هذا الحديث: دليل على حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبلاغ الأمة حيث قام خطيباً يبين للناس ما يجزئ وما لا يجزئ في الأضحية.
ثانياً: فيه حسن التعليم وذلك بالحصر؛ لأن حصر الأشياء يوجب أن يكون الإنسان يحفظها ولا ينساها لو ذكر لك الكلام مرسلاً بدون حصر بعدد يمكن أن تنسى شيئاً من الجمل لكن إذا كان محصوراً بعدد فسوف تقول: واحداً اثنين ثلاثة، أين الرابع ثم تتذكره وتبحث عنه في الحافظة المخية، فلذلك من حسن التعليم: أن المعلم يحصر الأشياء لأنها أقرب فهما وأقوى حفظاً وأسرع للاستذكار.
ومن فوائد الحديث: أن العوراء البين عورها لا تجزئ، ولا تجوز وهو نص الحديث ومفهومه: أن العوراء التي لا يبين عورها تجزئ، ولا تجوز العمياء من باب أولى، هذا ما نعتقده ونرى أنه مقتضى اللفظ والمعنى لكن بعض العلماء- رحمهم الله وعفا عنهم- قال إن العمياء تجزئ لأنها لا تمشي قد أنملة، والعوراء لا تجزئ، قال:«لأن العمياء يعتني بها ويؤتي إليها بالعلف والماء ولا يقصر عليها قاصر فهي كالعيناء التي ترعى بعينها، وحينئذ لا يأتيها قاصر لكن هذا تعليل عليل بل ميت.»
نحن نقول: حتى العوراء أيضا يمكن أن يؤتى إليها بالرزق لكن العلة هي فقد عضو مهم في هذا الجسد الذي يتقرب به الإنسان إلى الله عز وجل فالقول بأن العلة هذا، قول ضعيف لا شك، يعني: أن العلة أنها لا تأكل أكلاً كثيراً هذا ضعيف وليس بصحيح.
ويستفاد من هذا الحديث: أن المريضة التي مرضها خفيف لا تضر يعني: لا تمنع من الإجزاء ولكن لا ينبغي للإنسان أن يأكلها أو أن يضحي بها وفيها هذا المرض حتى يعرضها على الأخصائيين البياطرة يسأل هل هذا مرض مضر أو لا؟ إن كان مضراً فلا يذبحها أصلا، لا تجزئ، وأن لم يكن بينا فإنها تجزئ.