للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: أنه لا ينبغي للإنسان أن يتقرب إلى الله عز وجل بما فيه عيب، ويشهد لهذا قوله تعالى: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} [البقرة: ٢٦٧] الخبيث يعني: الرديء {ولستم بأخذيه إلا أن تغمضوا فيه} [البقرة: ٢٦٧] وقوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: ٩٢].

وكان ابن عمر رضي الله عنها إذا أعجبه شيء عنده تصدق به لأجل أن ينال البر المذكور في هذه الآية.

وأبو طلحة رضي الله عنه كان له بستان وكان قبلة هذا البستان المسجد النبوي، وكان فيه ماء طيب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي إلى هذا البستان ويشرب منه، ولا شك أن شرب النبي صلى الله عليه وسلم سيزيده غلاء في قلب أبي طلحة، فلما نزلت هذه الآية جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله إن الله أنزل {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} وإن أحب مالي إلى بيرحاء وإني أضعها بين يديك صدقة إلى الله ورسوله فقال: «بخ بخ ذاك مال رابح ذاك مال رابح» وصدق النبي صلى الله عليه وسلم هذا مال رابح لأن مالك مهما كان حسنا في عينك فإنك مغادره أو هو مغادرك، لكن المال الذي تخرجه لله عز وجل هو المالك الرابح لأنك تجده في يوم أنت أحوج ما تكون إليه لا درهم عندك ولا متاع ولا أهل ولا ولد، فهذا هو الذي يبقى «بخ بخ ذاك مال رابح ذاك مال رابح» ثم قال له: «أرى أن تضعها في الأقربين» فجلها أبو طلحة في بني عمه وأقاربه.

والحاصل: أن هذا الحديث يدل على أنه ينبغي للإنسان أن يتقرب إلى الله بالشيء الجيد الطيب السليم، وألا يتقرب إلى الله بما ليس كذلك، وهنا سؤال هل المعتبر هنا في العيوب ما كان عيباً في البيوع وهو ما ينقص قيمة المبيع، أو أن هذه عيوب منصوص عليها ولا عبرة بالقيمة.

الثاني لا شك، ولهذا تجد أن العوراء التي لا يبين عورها هي غير معيبة شرعاً في الأضاحي لكنها في البيع والشراء معيبة، وكذلك في العرجاء البين عرجها والمريضة البين مرضها، العرجاء التي لا يبين عرجها هذا عيب في البيع والشراء والمريضة التي لا يبين مرضها عيب في البيع والشراء، لكن لا عبرة بذلك، العبرة بالعيوب المنصوص عليها شرعاً.

نأخذ من هذا الحديث من الفوائد أيضاً: أنه يشترط في الأضاحي أن تكون سليمة من العيوب المانعة من الإجزاء وسبق لنا أنه يشترط أن تكون من بهيمة الأنعام فهذان شرطان.

<<  <  ج: ص:  >  >>