وهل هذا الأمر على الوجوب؟ نقول: لا، فيه تفصيل، أما العوراء البين عورها فإننا لا نضحي بها وجوبا ويفيده حديث البراء، وأما العوراء التي ليس عورها بيناً فإننا نضحي بها لكن الأفضل الا أن التضحية بها تكون مكروهة.
كذلك يستفاد من هذا الحديث: جواز التضحية بما اختل أذنه من البهائم، يستفاد من هذا الحديث: جواز التضحية لكن على خلاف الأفضل والأكمل وعليه فينبغي أن تكون الأذن سليمة ليس فيها خروق ولا شقوق ولا غير ذلك.
فإن قال قائل: إذا قطعت الأذن للمصلحة فهل تدخل في هذا الحديث.
نقول: نعم تدخل لأن المصلحة التي قطعت لها الأذن ليس لمصلحة البهيمة ولكنها لمصلحة صابحها لكثرة الدراهم بخلاف الخصي، تجوز التضحية به، وقد ضحى به النبي صلى الله عليه وسلم لأن الخصي إنما قطعت خصيتاه لمصلحة البهيمة فهو يكون سبباً لحسن اللحم وكثرته.
ومن فوائد الحديث: ألا نضحي بالمقابلة والمدابرة والخرقاء، بل يضحي بما أذنه سليمة أسنانه شيء سواء الثنايا أو الرباعيات أو الأضراس فإنه لا يضحي به، وذلك لنقص خلقته، ولكن هل هذا على سبيل الوجوب؟ لا، ، هو على سبيل الكمال لأنه كلما كانت أسنانها أكمل فهي أفضل.
بقي لنا لو انكسر قرنها فهل تجزئ؟ الجواب: نعمن تجزئ حتى لو انكسر القرن كله فإنها تجزئ: لأن القرن لا يؤكل ولا يستفيد الناس منه بالأكل، ولا يضر البهيمة إذا انكسر، لكن إن كان انكساره طريا والبهيمة متأثرة به فإننا نقول: إن كان تأثرها بيناً لم تجزئ لدخولها في قوله: «المريض البين مرضها» وأما إذا لم يكن مؤثراً فلا حرج فيها إطلاقاً أيضا: هل مقطوعة الذنب تجزئ أو لا؟
الأحاديث ليس فيها شيء يدل على هذا، لكن يؤخذ من القياس أنها مكروهة لأنها كمقطوعة الأذن، ولكنها مجزئة، وإذا كانت مقطوعة الإلية فإنها لا تجزئ، وذلك لأن الإلية لحم مقصود ومؤثر في البهيمة، وإذا كانت البهيمة مما لا ألية له خلقة فهل تجزئ؟ نعم، تجزئ، لأن هذا بأصل الخلقة، من ذلك الضأن الاسترالي فإن الأسترالي ليس له ذنب بل هو مقطوع الذنب فهو مجزئ لأنهم يقطعونه من أجل طيب اللحم وكثرة اللحم وهو يشبه ذنب البقرة ولا يشبه ألية الضأن، وقد رأينا ذلك في التي تولدت من الاستراليات ووجدنا أن ذنبها مستطيل كذنب البقرة تماماً يعني: ليس كالضأن الذي قطعت أليته، وعلى هذا فيكون مجزءاً الخصي يجزئ مقطوع الذكر يجزئ، لكن كلما كانت البهيمة أكمل فهي أفضل.