المؤلف؛ لأنه لا شاهد فيه للباب، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة:«لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها»، هذا هو المحذوف، بمعنى: أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن طلب الإمارة، وأخبر أن من طلبها فأعطيها وكل إليها، وإن جاءته من غير مسألة أعين عليها، وأيهما أحسن؟ الثاني: أحسن أي: أن يعان عليها؛ ولهذا لا ينبغي للإنسان أن يتعرض للإمارة، العافية خير والسلامة أسلم، اللهم إلا إذا كان القائم عليها ليس أهلا لها، فحينئذ لك أن تسألها كقول يوسف-عليه الصلاة والسلام-: {اجعلنى على خزائن الأرض إلى حفيظ عليم}[يوسف: ٥٥]. وهذه وإن لم تكن إمارة سلطة لكنها إمارة وزارة مالية؛ لأنه قال:{اجعلنى على خزائن الأرض}، ثم بعد ذلك ترقى حتى صار ملك مصر، أما الولاية فلا بأس أن يسألها من هو أهل لها كقول عثمان بن أبي العاص للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، اجعلني إمام قومي، قال:«أنت إمامهم»، ولكن يجب على الآمر المسئول ألا يجيب السائل إذا لم يكن أهلا مطلقا، سواء في الإمارة أو الولاية، وكلامنا هنا فيمن طلب الإمارة أو الولاية، لا فيمن أعطى الإمارة أو الولاية؛ لأن من أعطى الإمارة أو الولاية يجب عليه أن يختار من هو أقوم في العمل من غيره فإن ولى من هو دونه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين، إذا ولى أحد على أمر وفيه من هو خير منه فهذا خيانة، لكن كلامنا على الطالب فصار طلب الإمارة منهيا عنه، طلب الولاية لا بأس به إذا كان أهلا لذلك، أو إذا لم يكن القائم على ذلك أهلا؛ كقصة يوسف؛ لأن يوسف لم يسأل الولاية-ولاية السلطة- التي هي الإمارة، وإنما قال:{اجعلني على خزائن الأرض}، أما الموضوع المناسب للحديث لهذا الباب فهو قوله صلى الله عليه وسلم:«وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر»، المراد باليمين هنا: ليست اليمين التي ينعقد بها الحلف، ولكن اليمين التي حلف عليها، فالمعنى: إذا حلفت على شيء لأن اليمين حقيقة هي صيغة القسم، ولا يستقيم الكلام إذا قلت: حلفت على قسم، ولكن المعنى: إذا حلفت على شيء فرأيت غيرها خيرا منها، رأيت رؤية قلبية أو بصرية؟ الظاهر أنها قلبية؛ لأنها أعم، «غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وئت الذي هو خير» فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يكفر عن يمينه ويأت الذي هو خير، وهذا اللفظ بدأ فيه بالتكفير قال:«كفر عن يمينك وائت الذي هو خير»، والواو هنا لا تستلزم الترتيب، وإن كانت تقتضيه؛ لأن أصل دلالة الواو على الترتيب ليست لزومية، وإنما على الترتيب بحسب الأدلة.