مطلوبه، ربما لا يوفى أيضًا؟ ربما تغلبه نفسه الشحيحة ولا يوفي، وحينئذ يصدق عليه قول الله عز وجل:{فأعقبهم نفاقًا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون}[التوبة: ٧٦].
من فوائد الحديث: أولاً: النهي عن النذر، وهل النهي هنا للكراهة أو للتحريم؟ أكثر العلماء يقولون: إنه للكراهة، ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية مال إلى التحريم، وهو الذي مشى عليه صاحب سبل السلام أنه للتحريم، والقول بأنه للتحريم قول قوي.
فإن قال قائل: كيف تقولون: إنه للتحريم والله تعالى مدح الموفين بالنذر فقال: {يوفون بالنذر ويخافون يومًا كان شره مستطيرًا}[الإنسان: ٧]. وإذا كانت النتيجة ممدوحة كان السبب ممدوحًا؟ نقول: هذا غلط أولاً: الآية الكريمة هل المراد بقوله: {يوفون بالنذر} أي: بما نذروه على أنفسهم وكلفوا به أنفسهم أو المراد العبادات الواجبة؟
فيها قولان: والآية محتملة؛ لأن العبادة الواجبة تسمى نذرًا كما قال الله تعالى في الحجاج:{ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم} مع أنهم ما نذورا {وليطوفوا بالبيت العتيق}[الحج: ٢٩].
وما دامت الآية محتملة فمع الاحتمال يسقط الاستدلال وحينئذٍ نقول الآية لا تعارض الحديث والمراد بقوله:{يوفون بالنذر} أي: بما نذروه على أنفسه وعاهدوا به الله عز وجل وهو أن يسمعوا ويطيعوا لأمر الله هذا هو المراد، وليس المراد النذر الخاص الذي هو إلزام المكلف نفسه شيئًا.
ومن فوائد الحديث: أن النذر لا يرد قضاء، لا يجلب خيرًا ولا يدفع شرًا لقوله:"إنه لا يأتي بخير".
فإن قال قائل: ومن أين لكم أنه لا يدفع الشر؟ قلنا: إن دفع الشر خير فيكون عامًا، لا يأتي بخير لا في جلب منفعة ولا في دفع مضرة، ثم إن الغالب أن الذين ينذرون يريدون حصول الخير.
ومن فوائد الحديث: ذمَّ البخل، لقوله:"وإنما يستخرج به من البخيل" ولا شك أن البخل