قوله:"التيمم ضربتان" يعني: أنه لابد من ضربتين: وقوله: "ضربة للوجه، وضربة لليدين": أما ضربة الوجه، فالوجه قد اثبت أنه يمسح بالتيمم، وأما اليدان فقال:"وضربة لليدين إلى المرفقين" هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، والأحاديث الكثيرة حديث عمار وغيره، وأن التيمم يكون في الكفين فقط وهو أيضا ظاهر القرآن، وعلى هذا فلا يصح هذا الحديث مرفوعا إلى رسول الله - عليه الصلاة والسلام؛ ولذلك قال المؤلف:"وصحح الأئمة وقفه" الأئمة يعني بذلك: أئمة الحديث، ولا يلزم أن يكون المراد: أئمة الفقه؛ لأن إمام كل فن من له قدم فيه وأتباع عليه، فيكون الأئمة هنا ليس الأئمة الأربعة، ولكن أئمة الحديث.
وقوله:"وقفه" أي: كونه عن ابن عمر نفسه، وليس عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك لأن الموقوف عندهم هو ما انتهى إلى من؟ إلى الصحابي إذا لم يكن له حكم الرفع، فإن كان له حكم الرفع فهو مرفوع لكنه مرفوع حكما.
في هذا الحديث من الفوائد: أنه لابد من ضربتين في التيمم، ولكن ما دمنا صححنا أنه موقوف، فيكون هذا على رأي ابن عمر، والسنة بخلافه، بل والقرآن بخلافه؛ لأن الله قال في التيمم: "فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} [المائدة: ٦]. ونحن نرى أن القرآن الكريم إذا أطلق الد فهي الكف فقط، ولهذا اجمع العلماء على انه لا يقطع في السرقة إلا الكف؛ لأن الله قال:{أيديهما}[المائدة: ٣٨]، ولم يقيد، أما في الوضوء فنعم إلى المرفق؛ لأن الله قيد ذلك فقال:{وأيديكم إلى المرافق}.
وفي قوله:{وأيديكم إلى المرافق} دليل واضح على أن اليد إذا أطلقت لم تبلغ المرفق، وإنما المراد بها: الكف، وعليه يكون هذا الأثر من قول ابن عمر، ولكن لا عبرة به ما دام خالف
ظاهر القرآن وصريح السنة فإنه لا عبرة به؛ لأن قول الصحابي لا يكون حجة إذا خالف النص القرآني أالنبوي، وأيضا المعنى يقتضي عدم مسح الذراع؛ لأن الذراع غالبا يكون خفيا إما في الثوب وإما في الرداء، فلا يظهر عليه أثر التعبد بتمرغ الإنسان أو بتعفير الإنسان وجهه ويديه، بخلاف الوجه وبخلاف الكف فإنه يظهر عليهما الغبار - غبار التراب- حتى يتبين أن هذا الرجل تعبد لله تعالى بتعفير وجهه وكفيه تقربا إلى الله واحتسابا للأجر.