القاعد متجاوز والماشي متجاوز، فكان الذي عليه الحق هو الماشي، "والقليل على الكثير، القليل صفة لعدد، إذا كانوا ثلاثة وقابلهم أربعة من الذين يسلم؟
الثلاثة، ولو ثلاثة كهول لكل واحد أربعون سنة وأربعة صغار كل واحد له خمس عشرة سنة من يسلم؟
القليل على الكثير، والراكب على الماشي؛ لأن الراكب أعلى من الماشي، فإذا كان أعلى فإن من المناسب أن يتواضع للماشي ويسلم هو لأنه لو سلم الماشي في هذه الحال لكان الراكب مرتفعًا قدرًا ومرتفعًا حسًا فربما تزهو نفسه ويتعاظم، فكان من الحكمة أن يكون لديه شيء من الخضوع والذل فيسلم هو على الماشي.
في هذا الحديث فوائد: أولاً: مشروعية السلام بين المتلاقيين وهذا أمر مجمع عليه وقد سبق أنه من حق المسلم على المسلم.
ومن فوائده: أن الصغير يسلم على الكبير، الصغير سنًا يسلم على الكبير سنًا فإذا تساويا في السن رجعنا إلى الصغر قدرًا فالصغير قدرًا يسلم على الكبير، أما الكبير قدرًا فيسلم على الكبير سنًا إذا كان أقل منه سنا يعني: رجل كبير القدر عالم متبحر عمره عشرون سنة لاقاه شيخ كبير عمره ثلاثون سنة لكنه جاهل من يسلم؟ الصغير، وهذا من تواضعه؛ لأن شريف القدر هو الذي يعرف القدر، إنما يعرف الفضل من الناس ذووه، فإن لم يفعل يعني الصغير لم يسلم هل يترك الكبير السلام؟
لا، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»، كثير من الناس يقول: لا أسلم وأتواضع لهذا الرجل الذي لم يتواضع لي، نقول: يا أخي تواضع للحق وسلم وأنا ضامن فيما أظن أنه إذا سلم الكبير على الصغير، هذه المرة فسوف يسلم الصغير على الكبير المرة الثانية لأنه يخجل.
ومن فوائد الحديث: مراعاة المنازل والرتب لقوله: «يسلم الصغير على الكبير» وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «أنزلوا الناس منازلهم»، وكذلك قال: فيما يروي عنه: «أقيلوا ذوي الهيئات عشراتهم إلا الحدود»، والدين الإسلامي جاء بهذا، ليس الناس على حد سواء لا في الفضيلة ولا في الإكرام ولا غيرهما، فمثلاً الضيف له حق والمتأهل له حق لكن أيهما أولى؟
الأول، يعني لو جاءنا ضيف من حيث الدين ومن حيث العبادة ليس بذلك لكنه ضيف