باليمين؛ ولهذا قال:«إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه»، الشرب باليمين هذا سنة كونك تتناول الأكل باليمين والشرب باليمين، هذا من السنة المأمور بها، وسيأتي في الفوائد ثم علل النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بذلك لأن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله، ونحن منهيون عن إتباع خطوات الشيطان {يأيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}[النور: ٢١]. {ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين}[البقرة: ١٦٨]. وإذا كان كذلك فلن يقدونا إلا إلى الشر.
في هذا الحديث فوائد: أولاً: إكرام اليمين؛ لأننا أمرنا أن نأكل بها، ومعلوم أن الأكل غذاء للبدن، فيكون المتفضل بالغذاء هي اليد اليمنى، ثانيًا: وجوب الأكل باليمين، إذا قال قائلك من أين أخذت ذلك؟
قلنا: من كون الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله، نقول: الأمر هنا للوجوب، ويؤيد ذلك أنه ورد بصيغة أخرى "لا يأكل بشماله ولا يشرب بشماله"، فاجتمع فيه الأمر بالأكل باليمين والنهي عن الأكل بالشمال، إذن الأكل باليمين واجب، الشرب باليمين واجب القاعدة الشرعية أن الواجب يسقط مع العجز فإذا كان الإنسان لا يستطيع أن يرفع يده اليمنى لشلل، أو مرض جاز له أن يأكل بالشمال للضرورة.
ومن فوائد الحديث: تحريم الشرب بالشمال، وإذا كان كذلك فإن المحرم لا يرتفع التحريم فيه إلا للضرورة؛ لقوله تعالى:{وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه}[الأنعام: ١١٩]. وعلى هذا يتبين خطأ أولئك القوم الذين إذا احتاجوا إلى الماء على الطعام أخذوه بشمالهم، هذا لا يجوز، يدعي أنه يلوث الكأس أو الإناء، جوابنا على هذا أن نقول: أولاً: يمكن أن تمسك باليمين بدون تلويث فالكأس مثلاً ممكن أن تجعله بين الإبهام والسبابة وتمسكه من أسفل، هذه واحدة، ثانيا في الوقت الحاضر كثير من الناس يشربون من كئوس لا يشرب منها غيرهم، وهي البلاستيك يشرب بها وترمى، وإذا لوثها يلوثها على من؟
لا أحد، ثالثًا: لو قدرنا أنك لوثتها فهل تتلوث بنجاسة؟