ومن فوائد الحديث: عظم قتل الولد سواء كان ذكرًا أو أنثى؛ لأنه يلي الشرك بالله عز وجل.
ومن فوائد الحديث: أن من قتل ولده لا لخوف أن يأكل معه فذنبه أهون، أو يقال: إن هذا القيد بناء على الغالب أن الذين يقتلون أولادهم في الجاهلية منهم من يقتل ابنته يئدها خوفًا من العار، ومنهم من يقتل الأولاد الذكور والإناث خوفًا من الإملاق، قال الله تعالى:{ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاقٍ}[الإسراء: ٣١]. إذن فيكون قول النبي صلى الله عليه وسلم:«خشية أن يأكل معه» قيدًا أغلبيًا، والقيد الأغلبي ليس له مفهوم.
إذن نقول: إن قتل الولد من أعظم الذنوب، وهو يلي الشرك بالله عز وجل، سواء قتله خوفًا أن يأكل معه أو لعداوة بينه وبينه أو لغير ذلك؛ لأنه في الواقع جمع بين العدوان بالقتل والعدوان بالقطيعة.
الآن نسأل في القرآن الكريم يقول الله تعالى:{ولا تقتلوا أولادكم من إملاقٍ نحن نرزقكم وإياهم}[الأنعام: ١٥١]. والآية الأخرى {خشية إملاقٍ نحن نرزقهم وإياكم}[الإسراء: ٣٣]. فهل هذا يدل على أن قتلهم يكون إما من الفقر وإما من توقع الفقر؟ نعم، الآية التي تدل على المعنى الأول، قوله:{من إملاقٍ}، ولهذا قدم رزق القاتلين على رزق المقتولين، فقال:{من إملاقٍ نحن نرزقكم وإياهم}، وفي الآية الثانية قال:{خشية إملاقٍ} يعني: خشية الفقر المتوقع، فقدم رزق المقتولين على رزق القاتلين؛ لأن القاتلين لم يكونوا فقراء، لكن يخشون الفقر، فقال:{نحن نرزقهم وإياكم}.
ومن فوائد الحديث: أن الزنا بحليلة الجار أعظم من الزنا بالأجنبية؛ لأنه جعله صلى الله عليه وسلم بعد قتل الولد خشية الفقر، وجه ذلك: أن الجار في الحقيقة يرى أنه لائذ بجاره، وأن جاره سوف يدافع عن عرضه، فإذا خانه في موضع الائتمان كان أشد وأعظم، ولكن هل إذا ثبت الزنا بحليلة الجار هل يكون حده مخالفًا لحد الزنا بالأجنبية البعيدة أم لا؟ الجواب: لا.
لكن لو زنى أحد بذات محرم منه، يعني: بامرأة يحرم عليه أن يتزوجها، فهل يحد كحد الزنا بالمرأة الأجنبية أو يختلف؟ هذه المسألة فيها خلاف؛ من العلماء من يقول: إن الزنا بذات المحارم كالزنا بغيرهن؛ يعني: البكر يجلد مائة جلدة ويغرب سنة، والثيب يرجم، ولكن القول الراجح: أن الزاني بذات محرم يجب أن يرجم ولو كان غير ثيب، أولا: ما هو الدليل في ذلك؟ حديثه أخرجه أهل السنن وهو صحيح، والثاني: التعليل؛ لأن فرج ذات المحرم لا يحل بأي حال، وفرج غير المحرم يحل بالعقد الصحيح، قالوا: فلما كان فرجًا لا يحل بحال صار كدبر الذكر؛ أي: كاللواط، واللائط يجب أن يقتل بكل حال، فصار هذا الحكم - أعني: وجوب قتل من زنى بذات المحرم - مؤيدًا بالدليل السمعي والنظري.