ولما شك الناس في موته (صلى الله عليه وسلم)، قال عمه العباس (رضي الله عنه): والله ما مات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى ترك السبيل نهجاً واضحاً، وأحل الحلال وحرم الحرام، ونكح وطلق، وحارب وسالم، وما كان راعي غنم يتبع بها رؤوس الجبال يخبط عليها العضاة بمخطبه، ويندر حوضها بيده بأنصب ولا أدأب من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان فيكم. وفي الجملة فما ترك الله ورسوله حلالاً إلا مبيناً، لكن بعضه كان أظهر بياناً من بعض، فما ظهر بياه، واشتهر وعلم من الدين بالضرورة من ذلك لم يبق فيه شك، ولا يعذر أحد بجهله في بلد يظهر فيه الإسلام، وما كان بيانه دون ذلك، فمنه ما اشتهر بين حملة الشريعة خاصة، فأجمع العلماء على حله أو حرمته، وقد يخفى على بعض من ليس منهم، ومنه ما لم يشتهر بين حملة الشريعة أيضا، فاختلفوا في تحليله وتحريمه وذلك لأسباب.
*تعليق الشيخ:
-الآن بين (رحمة الله) أن ما علم بالضرورة من دين الإسلام، فهذا لا يعذر أحد بجهله، لابد أن يكون عالماً به في بلد يظهر فيه أحكام الإسلام، والثاني ما اشتهر بين حملة الشرع، ولكنه يخفى على غيرهم إلا أنه واضح عندهم، وهذا أيضا مما أجمعوا عليه، والثالث: ما كان خفياً على بعض حملة الشرع وهو الذي وقع فيه الخلاف فصارت الأحوال ثلاثة.
*قال ابن رجب:
منها: أنه قد يكون النص عليه خفياً لم ينقله إلا قليل من الناس، فلم يبلغ جميع حملة العلم.
*قال الشيخ:
-هذا نقص في العلم، لأن الذي يخفى عليه هذا معناه أن علمه قاصر لم يحط علماً بنصوص الشريعة.
*قال ابن رجب:
ومنها: أنه قد ينقل فيه نصان: أحدهما بالتحليل، والآخر بالتحريم، فيبلغ طائفة أحد النصين دون الآخرين، فيتمسكون بما بلغهم، أو يبلغ النصان معاً من لم يبلغه التاريخ، فيقف لعدم معرفته بالناسخ.