يملأه طعاماً يأكله الناس هذا طيب لكن هذا الوعاء الذي ذكر الرسول -وهو البطن- هذا لا يملأه فما ملأت وعاء شراً منه، والبطن وعاء لأنه مقر الطعام والشراب، ويسمى المعدة يقول الرسول:"ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه" أي: من معدته؛ لأن ملأ البطن سبب للغفلة وكثرة النوم وسبب لأمراض تأتي من تركيب الغذاء وكثرته، والمعدة ليست كيساً يمتلأ طعاماً ثم يفرغ، المعدة معمل يعني: يشتغل بالطعام الذي يوضع فيه هذا المعمل إذا أثقلت عليه فلابد أن يتعب؛ ولهذا قال بعض الناس: لا تأكل طعاماً على طعام فإن إدخال الطعام على الطعام من المهلكات، ومثل لذلك قال: لو أعطيت رجالاً يعملون عملاً وقلت لهم: اعملوا هذا وهو عمل مؤلم ثم أتيت لهم بعمل آخر قلت لهم اعملوه ماذا يكون؟
سيتعبون إما أن يدعو العمل الأول على عَجِرَه وإما أن يتعبوا تعباً عظيماً، هكذا المعدة ولهذا نقول: لا تملأ المعدة، وما الأمراض الحديثة الأخيرة كمرض السكر ونحوه إلا بأسباب الكثرة - كثرة الأكل، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد أن الأمراض المركبة من الغذاء المركب الآن كم يقدم على الغداء من نوع؟
بعض الناس يقدم ثمانية أو تسعة أصنافاً هذه الأغذية تختلط ويختلط الغذاء بالدم جسم مركب من عدة أغذية ويطلب علاجاً، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله وهو حق: ولذلك كانت البادية أقل الناس أمراضاً مركبة وأسهلهم معالجة؛ لأن معالجتهم لا تحتاج إلى تعب.
هذا الحديث في آخره:"فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه"، وهذا هو العدل، الطعام يحتاج إلى شراب، ولهذا يقول الله:{وكلوا واشربوا}[الأعراب: ١٨٧]. اجعل الطعام له الثلث والشراب الثلث وثلث للنفس لتتنفس ويتسع نفسك، وهذا لو أننا مشينا عليه ما أصبنا بالأمراض إلا أن يشاء الله، لكن هذا من أسباب الوقاية ويذكر أن بعض الأوروبيين لا يشبعون في الأكل، لكن يكثرون عدد الوجبات، نحن نأكل ثلاث مرات هم يأكلون خمس مرات، لكنهم لا يكثرون الأكل وهذا هو الترتيب الصحي كُل قليلاً وإذا جعت فكل.
في هذا الحديث فوائد: منها أن الشريعة الإسلامية جاءت بدواء القلوب، ودواء الأبدان.
وجه ذلك: أن هذا القدر من الغذاء هو المناسب للطلب تماماً.
ومنها: أن الشريعة الإسلامية جاءت بتوقي الأسباب الموجبة للأذى تؤخذ من النهي على ملء البطن لأنه موجب للأذى، ولهذا قال شيخ الإسلام رحمه الله: لا يحل للإنسان أن يأكل أكلاً يتأذى به، بعض الناس الآن ما شاء الله يأكل كثيراً ويملأ بطنه حتى إنه لا يكاد يستطيع القيام من ملأ البطن ثم بعد ذلك يطلب أشربة تهضم، الواحد يلطخ بدنه بالنجاسة ثم يبحث ما يطهرها به؟ من الأصل لا تفعل.