للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا الحديث: شفة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته لقوله: "أخوف ما أخاف عليكم".

وفي أيضاً: أن السيئات تختلف بعضها أشد خطراً من بعض لقوله: "أخوف ما أخاف" لأن أخوف اسم تفضيل واسم التفضيل لابد فيه من مفضل ومفضل عليه فالرسول صلى الله عليه وسلم يخاف منا أن نعمل عملاً سيئاً لكن يختلف خوفه بعضه أشد من بعض.

ومن فوائد الحديث: انقسام الشرك إلى قسمين أصغر وأكبر فهل هناك ضابط؟

نقول: الضابط إن أردت ضابطاً حكمياً فهناك ضابط وإن أردت ضابطاً ذاتياً يعني حداً فهناك أيضاً ضابط، أما الضابط الحكمي فيقال: الشرك الأكبر ما يخرج به الإنسان من الملة وهذا يسمى تعريفاً بالحكم، والتعريف بالحكم عند أهل الكلام معيب ومردود كما قال الناظم:

(وعندهم من جملة المردود ... أن تدخل الأحكام في الحدود)

وأما التعريف بالحد الذاتي فيقال: الشرك الأصغر ما كان وسيلة لأكبر غالباً، الرياء وسيلة للشرك الأكبر؛ لأنه يتدرج بالإنسان حتى يصل إلى عبادة الناس، هو الآن يعبد الله لكن يزين العبادة ليمدحه الناس عليها فيتقرب بالعبادة إلى الناس، لكنه يجره الأمر إلى أن يعبد الناس، فلهذا نقول: هو شرك أصغر، ورأيت ابن القيم رحمه الله يعبر عن الشرك الأصغر بما يتعلق بالرياء فيقول: يسير الرياء؛ لأن الرياء الكثير الأكبر هذا يحبط العمل، فإذا كان الإنسان يرائي في كل عبادة لم يبق عنده عبادة.

إذن نأخذ من هذا الحديث: انقسام الشرك إلى أكبر وأصغر، والضابط في الحكم أن الشرك الأصغر ما لا يخرج به من الملة، والأكبر ما يخرج به من الملة، في الحد الذاتي نقول: الشرك الأصغر ما كان وسيلة وذريعة إلى الشرك الأكبر، من الشرك الأصغر تعليق التمائم لماذا؟

لأنه وسيلة إلى الإشراك في الربوبية حيث يعتقد أن التمائم سبب لمنع الضر أو الشفاء من المرض فيتعلق قلبه بها وربما يتدرج حتى يعتقد أن السبب نفسه هو الذي يكشف الضر فيكون شركاً أكبر.

ومن فوائد الحديث: تحريم الرياء؛ لأنه من الشرك الأصغر، ولكن هل يدخل في الذنوب التي هي تحت المشيئة أو نقول لابد من المجازاة عليه ما لم يتب منه؟

فيه خلاف فمن العلماء من يقول: إن قول الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: ٤٨]. يراد به الشرك الأكبر لقوله تعالى: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} [المائدة: ٧٢]. وأما الشرك الأصغر فإنه داخل

<<  <  ج: ص:  >  >>