على إثر سماء كان في الليل فقال: هل تدرون ما قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال:"أصبح من عبادي مؤمن وكافر" نسمي هذا الحديث من رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه ويسمى عند العلماء حديثاً قدسياً، وهو في مرتبة بين الحديث النبوي والقرآن الكريم وفيه أي: في الحديث القدسي فيه الصحيح وفيه الحسن وفيه الضعيف وفيه الموضوع، أما القرآن فكله صحيح متواتر ليس فيه كلمة ولا حرف إلا وهو متواتر، وهذا من الفروق العظيمة بين الحديث القدسي والقرآن الكريم، يقول جل وعلا:"يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي" حرمت: أي منعت الظلم على نفسي ولله تعالى أن يحرم على نفسه ما شاء وله أن يوجب على نفسه ما شاء فقد حرم الله على نفسه أشياء وأوجب على نفسه أشياء قال الله تعالى: {كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم}[الأنعام: ٥٤]. قال:"كتب على نفسه الرحمة" وهنا نقول: هل هناك شيء واجب على الله؟
نعم، لكن هو الذي أوجبه على نفسه إذا أوجب على نفسه شيئاً نقول هو ربنا عز وجل يفعل ما يشاء فعلى الله واجبات أوجبها على نفسه، ولهذا قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
(ما للعباد عليه حق واجب ... هو أوجب الأجر العظيم الشان)
(كلا ولا عملٌ لديه ضائعٌ ... إن كان بالإخلاص والإحسان)
يعني: لا يمكن أن يضيع عند الله عمل إطلاقاً بهذين الشرطين إن كان بالإخلاص، والإحسان يعني المتابعة، المهم، أن الله يوجب على نفسه ما شاء، ويحرم على نفسه ما شاء، ولهذا قال:"حرمت الظلم على نفسي"، والظلم يدور على شيئين: إما عُدوان، وإما نقص حق، فمن سطا على مالك وأخذه فهذا من العدوان، ومن جحد حقك فهذا من النقص، فالرب عز وجل لا يمكن أن ينقص إنساناً حسنة عملها أبداً، ولا يمكن أن يضيف إليه عقوبة سيئة لم يعملها قال الله تعالى:{ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلماً ولا هضماً}[طه: ١١٢]. "وجعلته بينكم محرماً" هذا الشاهد بينكم أي: بين الناس محرماً حتى بين المسلمين والكافرين نعم الظلم حرام، ألسنا نقول للكافر: إما أن تسلم وإلا قاتلناك أو تبذل الجزية أليس هذا ظلماً؟
لا، لأننا نفعل ذلك لحق الله لا لحقنا أما فيما بيننا وبينهم من الحقوق فلا نظلمهم، ولهذا يجب أن توفي بعقد البيع بينك وبينه، وبعقد الإجارة بينك وبينه وبحق الشفعة إلى هذا الحد على رأي بعض العلماء الذي يقول: إن حق الشفعة حق ملك لا مالك، فيقول: إنه لو كان شريكك كافراً، وبعت نصيبك على مسلم فللكافر أن يأخذه بالشفعة؛ لأن هذا حق ملك لا مالك، والشاهد أن الظلم محرم بين العباد حتى بين المسلم والكافر.