للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبغضاء والكراهة حتى إن الإنسان إذا نظر إلى صاحبه أو صادفه يجد نفسه مشمئز منه وأنت في غنى عن هذا.

إذن الجملة الأولى صحيحة المعنى فنأخذ بها، لا على أنه ثابتة عن الرسول بلفظها، ولكن لأن معناها تشهد له الأدلة العامة، الثاني "لا تمازحه" هذا على إطلاقه غير صحيح؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمزح ولا يقول إلا حقاً فقد جاءه رجل يطلب منه بعيراً يحمله فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنا حاملوك على ولد الناقة"، ولد الناقة: الفصيل الصغير يعني: الذي يرضع هل هذا يحمل عليه؟ ! الرجل استنكر قال: كيف يا رسول الله؟ قال: وهل تلد الإبل إلا النوق؟ ! الإبل: الجمال الكبار الشديدة القوية ما هو ولدها؟ الناقة فيكون الرسول صلى الله عليه وسلم ولد الناقة صحيح أو لا؟ صحيح لكن على سبيل المزح قال: حاملوك على ولد الناقة، وولد الناقة لو حمل عليه الإنسان يبرك لا يستطيع المشي، لكن الرسول لم يرد هذا بل أراد أن يمازح الرجل.

كذلك امرأة جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم نسيت ماذا تسأله لكنه قال: "لا تدخل الجنة عجوز" إن صح الحديث فهي كلمة عظيمة توجب للمرأة أن تتأثر تأثراً عظيماً هي عجوز لا تدخل الجنة عجوز فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: {إنا أنشأناهن إنشاءً * فجعلناهن أبكاراً} والبكر: صغيرة، المهم أن النهي عن المزح على سبيل الإطلاق لا يصح، فالحديث في هذا اللفظ لا يصح لكن هل المزح ممدوح مطلقاً أو مذموم مطلقاً؟ نقول: في ذلك تفصيل إذا كثر فهو مذموم من حيث كونه خُلُقاً سيئاً، كثير المزاح لا قيمة له ويضجر الناس ويسقط من أعينهم، وإن قل نظرنا إن خوطب به منيكره ذلك ويتأذى به فإنه منهي عنه؛ لأن إيذاء المؤمن حرام.

وبقي عندنا قسم ثالث: ألا يكون كثيراً وألا يتأذى به من خوطب به، ولكن يقوله الإنسان من أجل أن يذهب الهيبة من قلوب الحاضرين ويدخل السرور عليهم؛ لأن الإنسان إذا كان يمزح زالت الهيبة الشديدة التي تحول بينه وبين الناس وصار الناس يحبونه.

الثالث: "لا تعده موعداً فتخلفه" هذه جملة مطلقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آية المنافق: "إذا وعد أخلق" نحن درجنا في هذا الحديث على ما سمعتم وهكذا ندرج في كل حديث سنده ضعيف على ما سمعتم بمعنى أن توصله جملة جملة وننظر ما الذي تدل عليه الأدلة من هذه الجمل فنقبله لكن لا يحل لك أن تنسبه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لأن سنده ضعيف.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>