البداية فبالاتفاق أن قول الغاضب نافذ وأن الغضب لا يمنع نفوذ قوله، وأما الغاية فإنه لا ينفذ قوله بالاتفاق وغاية الغضب: ألا يحس الإنسان بنفسه ولا يدري أفي الأرض هو أم في السماء ولا يدري أهو ذكر الله تعالى أم سبه لا يدري.
هذا نقول: حكمه أنه لا يؤاخذ بقوله إطلاقاً لأن هذا يشبه حال السَّكر. وحال الجنون، أما الثالث وهو الوسط فهذا محل نزع بين العلماء فمنهم من ألغى قوله، ومنهم من اعتبره، والظاهر إلغاؤه، وأن الإنسان إذا غضب غضباً لا يملك نفسه لكنه يدري انه في الأرض ويدري أنه يتكلم لكن شيئاً عقره حتى قال: فهذا لا عبرة به.
ومن فوائد الحديث: وصف الله تعالى بالكفَّ؛ لقوله:{كف الله عنه} وهذه أعني: الصفة من صفات الأفعال، وصفات الأفعال لا حصر لها، لأن أفعال الله لا تنتهي فلك أن تصف الله تعالى بكل ما يمكن أن يقع منه - جل وعلا.
فمثلاً نقول: الله مدبر متكلم باطش وما أشبه ذلك من الأفعال التي يمكن أن يتصف الله بها، أما ما لا يمكن أن يتصف الله به فهذا لا يجوز، فلا يمكن أن نقول: إن الله يخون؛ لأن الله تعالى منزَّه عن الخيانة، لكن كل ما يمكن أن يتصف الله به من أفعاله فإنه يجوز أن نصف الله به، وإن لم يرد نصه في القرآن والسُّنة.
فمثلاً الكفُّ لو قال قائل: هل الله يكف؟ الجواب: نعم؛ لأنه يمنح والكف منع، وعلى هذا فقس لكن الضابط في هذا النوع أن يكون مما يمكن أن يتصف به أما ما لا يمكن فهذا لا يُوصف الله به ما لا يمكن عقلاً كالعزق مثلاً أو ما لا يمكن شرعاً كالظلم فإنه لا يمكن أن نقول: إن الله يظلم مع أنه قادر على ذلك لكنه حرمه على نفسه - تبارك وتعالى.
وقوله: وله الشاهد، اعلم أن الأحاديث الضعيفة تحتاج إلى تقوية، والتقوية إما أن تكون للمتن وإما أن تكون للسند فإن، كانت للمتن سُمَّيت شاهداً بمعنى: أن يأتي هذا الحديث أو هذا المتن من طريق آخر يقوي الطريق الأول هذا يسمى شاهداً.
وأما أن، تكون، في السند فهذا يُسمى متابعة بمعني: أن راوياً ضعيفاً يروي عن شخص ثم وجدنا آخر ضعيفاً يروي عن هذا الشخص أيضاً نسمي هذا متابعاً ونسمي الموافقة متابعة، ثم إن كانت من أول السند فهي متابعة تامة يعني: أن هذا روي عن شيخه الضعيف مباشرة ثم ساق السند نُسمي هذه متابعة تامة؛ لأنه تابع الضعيف في كل الإسناد وإن كانت فيمن فوق شيخه فهي متابعة قاصرة، لكن على كل حال نحن لا نحتاج في قوة الحديث أو تصحيحه إل شاهد أو متاح إلا عند الضعف.