للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذا الحديث فوائد: منها: التحذير مز كثره اللعن، لأنه ورد فيه هذا العقاب.

وفيه أيضاً من الفوائد: أن كثره اللعن من كبائر الذنوب، وجه ذلك: انه استحق الوعيد بهذا الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومن فوائد الحديث: إثبات يوم القيامة لقوله: «يوم القيامة» وهو يوم البعث، وسمي يوم القيامة لرجوه ثلاثة:

الأول: ان الناس يقومون فيه من قبورهم لرب العالمين ودليله قوله تعالى: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} [المطففين: ٦].

الثاني: أنه تقام فيه الأشهاد لقوله تعالى: {إنا لننصر رسلنا والذين ءامنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهد} [غافر: ٥١]. الثالث: أنه يقام فيه العدل لقوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيمة} [الأنبياء: ٤٧]

ومن فوائد الحديث: إثبات الشفاعة لغير النبي صلى الله عليه وسلم، أنه لو لم تثبت الشفاعة لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان اللعانون وغيرهم سواء، ولكن ليعلم أن الشفاعة العظمى خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلم، وله شفاعات ثلاث خاصة به:

الأولى: الشفاعة العظمى وهى أعظمها وأعمها وأشملها؛ وذلك أن الناس يوم القيامة في الموقف من الكرب والغم ما لا يطيقون، فيستشفعون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، إلى أن تصل إل محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشفع، هذه خاصة به، وهي داخلة في قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} [الإسراء: ٧٩].

الثانية: الشفاعة فى أهل الجنة أن يدخلوها، وهذه لا ينالها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الثالثة: شفاعته في عمه أبي طالب، وهي الشفاعة لكافر، ولا تكون لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الكفار لا تنفع فيهم الشفاعة، لكن أبا طالب نفعت فيه الشفاعة لما حصل منه من تأييد النبي صلى الله عليه وسلم ونصرته إياه والدفاع عنه، من أجل ذلك أذن الله لنبيه أن يشفع لعمه أبي طالب، ولكن هل خريج من النار؟ لا، لأن الله قال: {وما هم منا بمخرجين} [الحجرات: ٤٨]. لكنة وضع في ضحضاح من نار علبة نعلان من نار يغلي منهما دماغه، دماغه أعلى ما في جسده ومع ذلك يغلي من نعال في أسفل جسده، وإذا كان الدماغ يغلي فما بالك بما دون الدماغ سيكون أشد غلياناً، ثم مع هذا العذاب العظيم الدائم المستمر يرى أنه أشد الناس عذاباً؛ لأنه لو رأى أنه أهون الناس عذاباً لاقتنع، لكن يري انه أشدهم عذاباً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وإنه لأهونهم عذاباً»

<<  <  ج: ص:  >  >>