للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه النهي: أن الإنسان إذا جلس على الطرقات فإنه يتعرض للفتنة، قد تمر في الطريق امرأة حسناء فتتعلق نفسه بها، قد يمر رجل معه حاجة لأهله يكره ان يطلع عليه أحد فيطلع عليه هذا الرجل، قد يمر به أعرج أو أعمى أو أبكم أو أصم فيؤدي ذلك إلى الاستهزاء والسخرية به، المهم: أن الجالس على الطريق معرض نفسه لأشياء كثيرة، كذلك أيضاً إدا جلس وحده فإنه عرضة لان ينتهك عرضة؛ لان الناس سيقولون: لماذا هو جالس هنا؟ أهو جاسوس أم هو يترقب النساء أو غير ذلك؟ لهذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الجلوس على الطرقات.

قال: "فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقه يا رسول الله؟ قال: غض البصر، أن يغض الإنسان بصره عن المارة سواء كان رجلاً أو امرأة، صغيراً أو كبيراً، معه حاجة أم لم يكن معه حاجة، غض البصر ومن مر بك لا تلتفت إليه لا تتبعه بصرك، خلافاً لبعض الناس تجده إدا جلس في الطريق من أول ما يقبل الرجل وعينة به وهو ماشٍ معه حتى يخجله، هذا أساء إلى المارة، كل من يرى أن شخصاً قد ركز عينية فسوف يخجل، وربما إذا أصيب بشيء يقول: هذا الرجل قد عاينني، ولو لم تكن هناك هذه الاحتمالات فإن غض البصر أمر لابد منه.

الثاني: "كف الأذى" القولي والفعلي، القولي: بأن يعيره إذا مر، والفعلي: أن يمد رجله ليعثر بها أو يأخذ حصاة يضعها في طريقة أو غير ذلك، أو إذا مر به وعلية مشلح مثلاً جذب طرف مشلحه، المهم: الأذى يشمل الأذى التولي والأذى الفعلي.

ومن ذلك: أن يقول إذا مر عليه احد: عرفناك يا فلان معك اليوم كذا وكذا من الحاجات، معك لحم، معك خبز، معك كذا، هذه أيضا من الأذية القولية.

"ورد السلام" لم يقل: والسلام، لأن الجالس يسلَّم عليه ولا يسلم، وإذا مر بك أحد سلم، فمن حق الطريق أن ترد عليه السلام، وقد سبق ذكر كيفية الرد مفصلاً تفصيلاً لا حاجة لإعادته هنا، فإذا لم يسلم فهل من حق الطريق أن أسلم عليه؟ لا، من حق الطريق أن أنصحه وأقول: سلّم يا فلان، فأذا مر بي ولم يسلم قلت: سلم يا فلان.

قال: السلام عليكم هل يجب علي الرد أو لي أن اعذره بترك الرد؟ نقول: رد، وحينئذ تكون قد تألفته بالرد.

"والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وهذا من أهم حق الطريق: الأمر بالمعروف، إذا رأيت ماراً متجاوزاً للمسجد مره وتقول له: يا أخي، أدخل المسجد صل، ولكن أنت جالس على الطريق تنتظر الإقامة والإنسان لا حرج عليه أن يجلس ينتظر الإقامة إذا لم يكن في ذلك مفسدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالسعي إلي الصلاة إذا سمعنا الإقامة، فهذا إنسان مثلاً جالس على الطريق يجلى ينتظر الإقامة فمر به رجل وذهب عن المسجد وهو يعرف أن هذا الرجل

<<  <  ج: ص:  >  >>