فإن قال قائل: إذا كان التواضع يخشى منه الإنسان أن يذل نفسه.
قلنا: هذا من إيحاء الشيطان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تواضع لله رفعه».
فإن قال قائل: رجل مبتدع يجادلني هل أتواضع له في المجادلة أم أشعره بأني فوقه في ذلك؟
الجواب: الثاني؛ لأنه لا يمكن أن تقضي عليه إلا إذا أشعرته أنك أقوى منه فإذا شعر أنك أقوى منه, حينئذ تغلبه.
فضل من رد عن عرض أخيه:
١٤٦٦ - وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي قال: «من رد عن عرض أخيه بالغيب؛ رد الله عن وجهه النار يوم القيامة». أخرجه الترمذي, وحسنه.
-ولأحمد, من حديث أسماء بنت يزيد نحوه.
قوله: «من رد عرض أخيه» أي: سمع شخصاً يغتاب أخاه, فرد عن عرضه لكن بحق, بأن يقول: إن فلاناً لم يقل كذا, وإن هذا كذب عليه وما أشبه ذلك, فإن الله تعالى يرد عن وجهه النار يوم القيامة جزاء وفاقاً.
ففي هذا الحديث: الحث على الرد عن عرض أخيك, وهذا يحتاج إلى تفصيل فإنه إذا كان الرجل الذي جعل الناس يتحدثون به صاحب بدعة أو صاحب فكر منحرف وذكر في المجلس فلا ترد عنه؛ لأن هذا كذب, إذ إن هذا المبتدع وصاحب الفكر المنحرف ليس له عرض فيما كان يذهب إليه فلا ترد عن عرضه, قد يكون من المستحسن أن تزيد في ذلك وأن تبين خطأه في بدعته أو انحرافه في منهجه.
ومن فوائد الحديث: أن الرد المحمود إذا كان بالغيب, أي: في حال غيبة أخيك أما في حال حضوره فإنه لا ينال هذا الثواب؛ لماذا؟ لأنه قد يرد عن عرض أخيه رياء ومنة على هذا الشخص لكن إذا كان في غيبته دل ذلك على أن الرجل كان سليماً.
فإن قال قائل: إذا أراد شخص أن ينتهك عرض أخيك مع حضوره فهل يجب عليك أن ترد عنه؟
نعم؛ لأن هذا من باب إعانة المسلم على من يريد إذلاله واحتقاره.
ومن فوائد الحديث: أن الجزاء من جنس العمل, لأن هذا رد عن عرض أخيه فرد الله عن وجهه النار يوم القيامة.