للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجباً أوجبه الله عليك فكنت معتدياً, والمعتدي ضامن لظلمه, وهذا كما قال الله تعالى: {ما على المحسنين من سبيل} [التوبة: ٩١]. فيكون معنى الآية: على المسيئين سبيل, والقول الثاني: أنه لا يضمنه؛ لأنه لم يهلك بسببه بخلاف ما لو أخذ طعامه منه حتى هلك فهنا رجل وجد مع شخص طعاماً فأخذه منه فجاع صاحب الطعام وهلك فهنا يضمن؛ لأنه تسبب في قتله, ومن الإطعام الواجب إذا كان يتوقف عليه إكرام الضيف فهنا إطعام الضيف واجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» , ومن الإطعام الواجب: إطعام الإنسان من تجب عليه نفقته من زوجة أو قريب, ومن الإطعام الواجب: الإطعام في الكفارات عشرة مساكين, تسعة مساكين, ستين مسكيناً, والباقي-يعني: ما عدا الواجب-فهو سنة, ولا يدخل في ذلك الإطعام الذي يكون إسرافاً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يأمر بما لا يحبه الله عز وجل.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي لمن أطعم الطعام أن ينوي بذلك امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم لأن بعض الناس قد يطعم الطعام لأنه كريم, والكريم يحب الكرم, فينبغي أن يلاحظ أنه يطعم الطعام امتثالاً لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ليكون بذلك حائزاً على العبادة وعلى الخلق الحسن.

ومن فوائد الحديث: فضيلة قيام الإنسان بالعبادة على حين غفلة الناس لقوله: «صلوا بالليل والناس نيام»؛ لأن جملة "والناس نيام" هذه حال.

ومن فوائد الحديث أنه من المعلوم أن الليل محل النوم لقوله: "والناس نيام", وهذا هو الموافق للفطرة, ولما خلق الله عز وجل من اختلاف الزمان, ولكن مع الأسف أن الناس في عصرنا هذا -ولاسيما من قريب- جعلوا ليلهم نهاراً ونهارهم ليلاً, حتى الصبيان الصغار الذين كانوا ينامون من حين صلاة المغرب صاروا الآن يبقون إلى الفجر ما ناموا, ثم إذا جاء النهار ناموا, وهذا خلاف ما تقتضيه حكمة الله عز وجل, حيث جعل الليل لباساً والنوم سباتاً.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للمتكلم إذا أراد أن يتكلم في أمر مهم أن يذكر ما يوجب الانتباه لقوله: «يا أيها الناس».

ومن فوائد الحديث: جواز السجع في الكلام, فإننا إذا تأملنا الجمل وجدناها سجعاً "السلام", "الأرحام", "الطعام", "نيام", "سلام", وقد جاء ذلك أيضًا في أحاديث أخرى مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «قضاء الله أحق وشرط الله أوثق وإنما الولاء لمن أعتق» , ولا شك أن السجع يزين الكلام ويرغب في الاستماع إليه, لكن بشرط ألا يكون متكلفاً, وضابط السجع المتكلف أن يعذب الإنسان الألفاظ ويأتي بألفاظ غريبة صعبة الفهم, أو بألفاظ يحصل بها مع ما إلى جانبها من الكلمات تناقض فهنا لا ينبغي السجع, أما إذا جاء عفواً بمقتضى الطبيعة هذا طيب لاشك ولذلك إذا قرأ الإنسان في كتاب البصرة لابن الجوزي -رحمه الله- يجد لذة, لأن الله أعطاه قدرة

<<  <  ج: ص:  >  >>