أن يتكلف مكروهاً لا تقبله النفس، مثلاً: الصلوات المفروضة سبعة عشر ركعة موزعة على أوقاتها، هل تستطيع أن تعلل لماذا كانت الظهر والعصر والعشاء أربعاً أربعاً؟ لا؛ لأن هذه الأعداد لا نستطيع أن نعرف الحكمة منها، وحينئذٍ فيكون ترتيب الأحكام ثواباً كان أو عقاباً على عدد معين مما لا مجال للعقل فيه، لكن من أكثر الأحكام ما رتب على الثلاث والسبع، وظاهر الحديث "عشر مرات" أنه لا فرق بين أن يأتي بها متتابعة أو متفرقة تؤخذ من الإطلاق، وهذه قاعدة تفيدك أن المطلق يبقى على إطلاقه وله أمثلة قوله تعالى في صيام التمتع:{فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيامٍ في الحج وسبعة إذا رجعتم}[البقرة: ١٩٦]. هل يجب التتابع في الثلاثة والسبعة؟ لا يجب لو صام أول يوم قدم مكة وهو محرم بالعمرة صام يوماً، هذه ثلاثة، ولما رجع صار يصوم كل أسبوع يوماً جائز لأن الله لم يقيد ولهذا قال سبحانه:{تلك عشرة كاملة} حتى لا يتوهم الإنسان أنها بالتفريق ينفرد كل يوم عن الآخر، ولما أراد الله تعالى التتابع في صيام الظهار وفي صيام كفارة القتل قال:{فصيام شهرين متتابعين}[النساء: ٩٢]. في كفارة اليمين من أخذ بالقراءة غير السبعية فصيام ثلاثة أيام متتابعة قراءة ابن مسعود من أخذ بالقراءة وهو الحق قال: إن صيام في كفارة اليمين ثلاثة أيام متتابعة، المصحف الذي معنا ليس فيه متتابعة، ولكن أخذت من قراءة ابن مسعود.
المهم: أن ما أطلقه الله ورسوله فهو على إطلاقه، وعلى هذا فإذا قلت في أول النهار: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وفي الساعة العاشرة قلتها، وفي الساعة الحادية عشرة قلتها حتى أتممت عشراً في يوم الحديث مطلق، والمراد: كل يوم، فإنها تكون كمن أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل.
من فوائد الحديث: إثبات جريان الرق على العرب؛ لأنه لا عتق إلا بعد رق، ويمكن أن يسترق العرب، فالكفار من العرب إذا قوتلوا وسبيت النساء والذرية صاروا أرقاء كغيرهم من الناس، وليس هذا على سبيل المبالغة وأنه المراد به ضرب المثل بل هو حقيقة، فإن العرب قد يسترقون إذا وجد سبب الرق.
ومن فوائد الحديث: الإشارة إلى فضيلة العرب، لماذا؟ لأنه قال:"من ولد إسماعيل"، ولم يقل: كمن أعتق أحداً من الأرقاء، قال:"من ولد إسماعيل"، وهذا أمر ذكرنا الإشارة إليه في الشرح أن العرب هم أفضل أجناس البشر، إذا كانوا هم أفضل أجناس البشر وقد جبلوا على اللغة العربية، فأي اللغات أفضل؟ اللغة العربية، ومع الأسف أن المخدوعين بالكفار يحاولون أن يجعلوا لساناً أعجمياً، حتى الصغار يعلمونهم اللغة الإنجليزية؛ فتجده يعرف من