هذا من باب التوكيد، أو هذا في غير المدخول فيها؛ لأنها تبين بالأولى فتقع الثانية على امرأة بائن، إذن من قالها مائة مرة يعني: أن القول يكون مائة مرة وليس المعنى: سبحان وبحمده حال كونها مائة مرة، بل المراد من قال: مائة مرة سبحان الله وبحمده.
ومن فوائد الحديث: أن من قالها تحط خطاياه ولو كانت كثيرة؛ لقوله:"ولو كانت مثل زبد البحر"؛ لأن زبد البحر كثير لا يحصيه إلا الله عز وجل، وهل نقول: ولو كانت كبيرة؟ الحديث ولو كانت كثيرة، لكن هل نقول: يلزم من الكثيرة أن تكون كبيرة؟ ولذلك اختلف العلماء -رحمهم الله- هل هذا الذكر يقتضي مغفرة جميع الخطايا ولو كانت كبيرة، أو أنها خاصة بالصغائر؛ لأنه إذا كانت العبادات العظيمة مثل الصلوات لا تكفر إلا الصغائر فهذه من باب أولى.
ولو قال قائل: ليس لنا أن نخوض فيها، بل نقول كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر"، ونوصي من أتى بكبيرة أن يتوب منها، ولا حاجة لنا إلى أن نتعمق في هذا الباب، هل هذا يشمل الكبائر أو الصغائر؟
بل نقول: هذا الحديث يدل على أن الخطايا تكفر أو تحط ولو كانت كثيرة جداً، أما الكبائر فإننا ننصح من فعلها بأن يتوب، قال أهل العلم: وينبغي أن يقول هذا الذكر في آخر اليوم، ولولا أني أخشى أن أبتدع لقلت: يقولها إذا أوى إلى فراشه؛ لأن عند النوم هو آخر عمل اليوم، فإذا قالها عند آخر عمله اليومي صارت تكفر كل ما سبق؛ يعني مثلاً: لو قالها في الصباح ما جاء في النهار لا يدخل في الحديث؛ ولهذا قال العلماء: ينبغي أن تكون هذه من أذكار المساء حتى تحط خطاياه التي فعلها في النهار.
في هذا الحديث ما يدل على الرد على الجبرية لقوله:"من قال".
١٤٨١ - وعن جويرية بنت الحارث رضي الله عنه قالت: قال لي رسول الله: "لقد قلت بعدك أربع كلماتٍ، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنه عرشه، ومداد كلماته". أخرجه مسلم.
جويرية هي إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، كانت تسبح وخرج النبي صلى الله عليه وسلم من عندها وهي تسبح ورجع وهي تسبح، وكأنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يختصر لها الوقت فعلمها كلمات أكثر أجراً مما قالت من أجل أن تتفرغ للعبادات الأخرى من شئون البيت وغيرها، يقول:"أربع كلمات لو وزنت ... الخ" كلمات: جمع "كلمة"، لها اصطلاحات، اصطلاح نحوي، واصطلاح لغوي