إذا قال: لا إله إلا الله لا يوجد دعاء، ولكن هو داعٍ بلسان الحال، وهذا وجه الحصر في قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«إن الدعاء هو العبادة» يعني: كل إنسان يدعو فهو عابد، وكل إنسان يعبد فهو داع]، فصدقت الكلمة سواء كذا أو كذا، يعني: سواء قلت: كل داعٍ عابد، أو كل عابد داعٍ فهو صحيح.
في هذا الحديث: الحث على الدعاء؛ حيث جعله النبي صلى الله عليه وسلم من العبادة، وعلى هذا فداعي الله رابح على كل تقدير إن أعطاه الله سؤاله فقد ربح ربحين، أولاً: العبادة، وثانياً: حصول مطلوبه، وإن منعه إياه وكف عنه شراً فهو أيضاً رابح ربحين، الأول: العبادة، والثاني: دفع المكروه عنه، وإن لم يكن هذا ولا هذا لكن ادخره ثواباً له إلى يوم القيامة فهو أيضاً رابح؛ حيث إنه سيجده مدخراً عند الله عز وجل، لأنه عبادة، وهنا هل نقول: إنه ربح ربحين أو ربح واحداً؟ كل عبادة لها ثواب هو رابح؛ لأنه سوف يثاب على هذه العبادة الحسنة بعشر أمثالها، إذن أكثر من الدعاء سواء أجبت أم لم تجب، لكن إذا دعوت ثم دعوت ثم دعوت ولم يستجب لك هل تقول: لو كان في هذا خير لأعطاني الله إياه ثم تستحسر وتترك؟ الجواب: لا، لا يجوز، كرر الدعاء؛ فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"إنه يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت ودعوت فلم يستجب لي" كرر، والحمد لله ما دام عبادة فكرر، ربما يكون من حكمة الله أن الله أخر إجابتك من أجل أن تكثر عبادتك وهذا خير لك.
- وله من حديث أنسٍ رضي الله عنه مرفوعاً بلفظ:«الدعاء مخ العبادة».
أي: لبها، وهذا الحديث بهذا اللفظ في صحته نظر، لكن يكفي أن يكون الدعاء هو العبادة.
- وله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه رفعه:«ليس شيء أكرم على الله من الدعاء» وصححه ابن حبان، والحاكم.
الظاهر -والله أعلم- أن قوله: «ليس شيء- أي: من مطلوبات الإنسان- أكرم على الله من الدعاء؛ لأن الداعي -أعني: داعي الله- إنما دعا ربه؛ لأنه يؤمن بأنه كريم، وإذا كان يؤمن بأنه كريم صار وصفاً لله عز وجل بالكرم بلسان الحال، وهذا لا شك أنه من أكرم الأشياء على الله عز وجل، والحديث يحتاج إلى النظر في صحته.