ومن فوائد الحديث: إثبات الكرم لله لقوله: "كريم"، والكريم كثير العطاء والخيرات.
بقي أن يقال في هذا الحديث: إثبات اسمين، نحن ذكرنا إثبات الحياء، وإثبات الكرم، ولعلنا قصرنا فيه بعض الشيء نقول: إثبات اسمين من أسماء الله وهو أنه حيي وأنه كريم، وهما يتضمنان: صفتين الحياء والكرم.
ومن فوائد الحديث: أن حياء الله تعالى قد يحدث عند مقتضيه من قوله: "يستحي من عبده إذا رفع يديه"، فهذا حياء مقيد حصل بعد رفع العبد يده إلى الله، فيكون الحياء إذن من الصفات [الفعلية].
ومن فوائد الحديث: أنه كلما أظهر الإنسان الافتقار إلى الله والتعبد له كان أرجى وأقرب إلى الإجابة لقوله: "من عبده"، والعبد وإن كان ظاهره اسماً جامداً لكنه في الواقع مشتق من العبودية، وعلى هذا فإذا كان الاستحياء من الداعي بوصفه عبداً فقد علق الحكم بوصف، ومن القواعد أن الحكم إذا علق بوصف ازداد قوة بقوة ذلك الوصف، هذه قاعدة مفيدة للطالب، وأنا دائماً أكرر عليكم أن الاعتناء بالقواعد هو العلم، أما المسائل فيشترك فيها العامي وطالب العلم.
ومن فوائد الحديث: استحباب رفع اليدين في الدعاء تحرياً للإجابة لقوله: "إذا رفع يديه".
ومن فوائده: أن رفع اليد الواحدة يختلف فيه الحكم، فإن كان اقتصاره على رفع يد واحدة تكبراً فهذا لا خير فيها، ولن يجاب له، لكن لا أعتقد أن داعياً يرفع يده الواحدة تكبراً، لكن نقولها من باب تتميم التقسيم، وإذا رفع الواحدة لعذر كما لو كانت إحدى اليدين شلاء أو اشتغل بها بشغل لابد منه فلا بأس؛ ولهذا لما سقطت زمام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة أمسكه بيدٍ وهو رافع اليد الأخرى.
ومن فوائد الحديث: إطلاق رفع اليدين، وقد سمعتم في الشرح أن الفقهاء قالوا: ينبغي أن تكون مبسوطة إلى حذاء الصدر، ولكن قلنا: ما لم يكن الدعاء ابتهالاً إلى الله فهنا يكرر الدعاء ويرفع أكثر.
ومن فوائد الحديث: أن الإشارة بالفعل لما في القلب أمر مشروع وارد؛ لأن الإنسان إذا قال: اللهم أعطني كذا وكذا وهو لم يرفع يده هو لا شك أنه يسأل الله، لكن إذا رفع يديه كالمستجدي صار أبلغ في ارتفاع القلب إلى الله عز وجل.
ومن فوائد الحديث: أن الأصل في الدعاء هو رفع اليدين هذا هو الأصل، لكننا ذكرنا ما لم ترد السنة بعدم الرفع تصريحاً أو ظاهراً، فإذا كان ظاهراً لسنة أو صريح السنة أن لا رفع فلا ترفع الأيدي، لكن إذا لم يكن هذا هو الظاهر فإن الأفضل أن يرفع الإنسان يديه إلى الله عز وجل.