ومن فوائد الحديث: أن العافية في الأهل مقدمة على العافية في المال، وعلى هذا أيهما أولى بالمراعاة أن تراعي أهلك وتحفظهم من الشرور وتحافظ على مصالحهم، أو أن تراعي مالك؟ الأول؛ ولهذا من السفه في العقل والضلال في الدين أن بعض الناس اليوم يراعي مالهم مراعاة كبيرة ويحافظ عليه وأهله غير مبال بهم.
ومن فوائد الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم له عورات لقوله "استر عوراتي"، وهل يمكن أن يؤخذ من هذا، أو قال:"استر عوراتي" إن كانت؟ يحتمل هذا وهذا، والنبي صلى الله عليه وسلم ليس معصوما من الخطأ في غير الوحي قد يجتهد ويخطئ، ولكن الله تعالى لا يقره على خطئه، وهذا من ستر ذلك، أليس يقول له: } عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين {] التوبة: ٤٣ [.
ويقول له عز وجل: } وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك وأتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه {] الأحزاب: ٣٧ [.
ويقول له: } يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم {] التحريم: ١ [.
على كل حال لنا أن نقول: إن الرسول لم يسأل ستر عوراته إلا وهو محتاج إلى ذلك، ولكنه لا يقر صلي الله عليه وسلم على خطأ، ويمكن أن يقال: استر عوراتي إن كانت، ولا يلزم من ذلك الوقوع كما لم يلزم وقوع الشرك منه في قوله تعالى: } لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين {] الزمر: ٦٥ [.
ومن فوائد الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كغيره من البشر يلحقه الروع لقوله: "وآمن روعاتي"، وهل نقول: إن هذا دعاء بأن يجعل في قلبك أمانا إذا حصل الروع، أو هو دعاء برفع الروع وتخفيفه إذا وقع؟ الظاهر: الأمران يعني: آمن من الروعات، أو ارفع عني الروع إذا نزل، والإنسان محتاج إلى هذا وهذا.
ومن فوائد الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم مفتقر إلى حفظ الله عز وجل، لقوله:"أحفظني من بين يدي"، وهذا يرد دعوى الذين يدعون أن النبي صلى الله عليه وسلم قادر على حفظهم، ولهذا يستغيثون به ويستعينون به ويستعيذون به، ويعتقد الواحد منهم أنه في حفظ الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو نفسه محتاج إلى حفظ الله.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي التبسط في الدعاء لقوله: "أحفظني من بين يدي .... إلخ"؛ إذا بإمكانه أن يأتي بهذا مجملاً فيقول: أحفظني من كل نازلة، أو من كل جهة، لكن التبسيط في الدعاء أفضل لوجوه ثلاثة: الوجه الأول: طول مناجاة الله عز وجل، كلنا يعلم أن الإنسان يحب أن