أن تفاجئني نقمتك، والله عز وجل ينتقم من عصاه وربما يأتي الأمر مفاجئ كما في قول الله - تبارك وتعالى-: } أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهو نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون {] الأعراف: ٩٧ - ٩٨ [نائم قائم فيفاجأ بالانتقام، لاعب بالضحى فيفاجأ بالانتقام.
وقوله:"فجاءة نقمتك" هل يمكن أن نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم يخشى أن ينتقم منه، أو يقال: فجاءة تهتك التي تكون من فعل غيره؛ لأن نقمة الله تكون للمخطئ وغير المخطئ كما قال تعالى: } واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة {] الأنفال: ٢٥ [. الذي يظهر لي، الثاني؛ وأن الرسول صلى الله عليه وسلم استعاذ بالله من مفاجأة النقمة؛ لأنه عز وجل ينتقم من الناس عموما وإن كان فيهم الصالحون، "وجميع سخطك" أي: كله، كل السخط سواء على المعاصي القوليه أو على المعاصي الفعلية، والسخط ضد الرضا.
ففي هذا الحديث دليل على فوائد: منها: افتقار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه، وجه ذلك أنه استعاذ به -عليه الصلاة والسلام-.
ومن فوائد الحديث: أن النعم قد تزول حتى عن الأنبياء، لكن نعم الدنيا ممكن، لكن نعم الدين لا تزول؛ لأنه لا يمكن أن يرتد أحد من الأنبياء، فلا يمكن أن تزول نعمة الله عليهم، نعم إن أريد من زوال نعمتك العموم فهذا قد يقع، قد ينقص المسلمون ويرتد بعضهم.
ومن فوائد الحديث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم استعاذ من تحول العافية، وهذا يتضمن بقاء العافية، إذن فالإنسان ما دام في عافية فلا ينبغي أن يتحول عنها، بل يبقى على ما هو عليه ما دام في عافية فإن أصيب فليلجأ إلى الله عز وجل.
ومن فوائد الحديث أيضا: تعوذ النبي صلى الله عليه وسلم من مفاجأة الانتقام، وهل يشمل هذا لو جاء الانتقام شيئا فشيئا؟ نقول: الرسول صلى الله عليه وسلم إنما تعوذ من مفاجأة الانتقام؛ لأنه أشد مما لو كان يأتي بالتدريج؛ إذ إنه إذا أتى بالتدريج ربما يكون الإنسان منتبها فيستعتب، ويسأل الله العافية ويرفع عنه.
ومن فوائد الحديث: إثبات السخط لله لقوله: "وجميع سخطك" أي: كل ما يسخطك، فيكون في هذا استعاذة بالله من الأعمال الموجبة للسخط ومن السخط.