وعن ابن عباس رضي الله عنه:"أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة". أخرجه مسلم.
الله أكبر! هذا ضد ما اختاره العلماء الذين أشرنا إلى قولهم، العلماء يقولون:"لا تغتسل المرأة بفضل الرجل" بناء على الحديث الذي رواه الصحابي المجهول، "ولا يغتسل الرجل بفضل المرأة"، ثم يأتي الحديث الذي في صحيح مسلم يدل على أن الرجل يغتسل بفضل المرأة، فكان الأولى إذا أردنا أن نفوق في الحديث أن نقول: لا تغتسل المرأة بفضل الرجل؛ لأن النهي أن تغتسل المرأة بفضل الرجل ليس فيه مخصص، وللرجل أن يغتسل بفضل المرأة. على كل حال: الحمد لله القول الراجح واضح وليس فيه إشكال، على هذا يقول:"كان يغتسل بفضل ميمونة".
في هذا الحديث من الفوائد: الإشارة إلى تعدد زوجات الرسول - عليه الصلاة والسلام- هل النبي صلى الله عليه وسلم حين تعددت زوجاته إنما أراد المتعة والتلذذ بالنساء وقضاء الوطر أو له أغراض عالية فوق ذلك؟ الثاني بلا شك ولهذا كانت زوجاته كلهن ثيبات وليس منهن بكر إلا عائشة رضي الله عنها ولو كان رجلا شهوانيا كما قاله أعداء المسلمين لكان ينتقي ما يشاء من الأبكار؛ لأنه لو طلب من أصحابه أن يتزوج من شاء ما منع من ذلك، لكنه - عليه الصلاة والسلام- أراد أن يكون له في كل قبيلة من قبائل العرب صلة.
ومن فوائد ذلك: أن هؤلاء الزوجات اللاتي لهن أقارب يخبرن أقاربهن عما كان الرسول يعمله في بيته من الأمور التي لا يطلع عليها إلا النساء، فابن عباس ما الذي أطلعه على أن الرسول كان يغتسل بفضل ميمونة؟ ميمونة التي هي خالته، ففي هذا بيان لفائدة تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلام أنهن يحملن من العلم إلى الأمة أكثر فأكثر متى كثر تعددهن.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الإفضاء بما يستحيا منه عادة من أجل نشر العلم، لأم ميمونة أفضت إلى ابن عباس بهذا الشيء الذي قد يستحيا منه.
ومن فوائد هذا الحديث: أن مثل هذا لا يدخل في النهي عن إفشاء السر الذي يكون بين الزوجين؛ لأن هذا لا علاقة له بالمعاشرة إنما هو بيان حكم شرعي تنتفع به الأمة؛ وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة.
ومن فوائد هذا الحديث: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يغتسل بفضل زوجته، ولو كان من الكبراء المستكبرين لقال للزوجة: لا تقربي الماء حتى أغتسل أنا، لكنه - عليه الصلاة والسلام-