والسلام - مرسل إلى الإنس والجن، أرسله الله تعالى إلى الإنس والجن منذ بعث إلى يوم القيامة، ولا يخفى علينا ما في الإضافة إلى ضمير الله عز وجل قال:"نبيه ورسوله" من الشريف والتكريم.
وقوله:"محمد"، كيف نعربه؟ عطف بيان؛ لأن البدل غالبا يساوي المبدل منه في الدلالة، وعطف البيان يزيد بيان معنى، وهنا زاد بيان معنى وهو أنه دل على الاسم العلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم محمد وهو اسم المفعول؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد حمده ربه - سبحانه وتعالى- وحمده الأولون والآخرون، وسيظهر الحمد الكامل يوم القيامة كما قال عز وجل:{عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}.
قال حسان بن ثابت صلى رضي الله عنه:[الطويل]
وشق له من اسمه ليجله ... فذو العرش محمود وهذا محمد
اسم محمد ورد في القرآن كم مرة؟ أربع مرات، وورد ذكر أحمد مرة واحدة، فما هي الحكمة أن الله ألهم عيسى أن يقول أحمد دون أن يقول محمدا؟
الحكمة: أن أجمد اسم تفضيل، وهو اسم تفضيل مطلق يعني: لم يذكر فيه اسم المفضل عليه فيكون أحمد الخلق على الإطلاق، وهل هو من باب اسم الفاعل أو اسم المفعول؟ أو هما؟ هل المعنى: أحمد يعني: أنه أحمد الناس لله، أو المعنى أحمد أي: أنه أحمد من يحمده الناس؟ كلاهما لا شك، وإنما جاء بصيغة أحمد إقامة للحجة على بني إسرائيل؛ حيث إن عيسى أقر بهذا الاسم أم محمدا أفضل الخلق لأنه سماه أحمد.
يقول:"وآله وصحبه ... " إلخ.
آله وصحبه هل هو من عطف الخاص على العام أو العام على الخاص أم ماذا؟ هو من باب عطف العام على الخاص؛ لأنه جاء بعده وعلى أتباعه، فهو من باب عطف العام على الخاص. فمن هم آله؟ من المعلوم أنه لا يصلح أن نقول: إن آله قرابته؛ لأننا لو قلنا إن آله قرابته شمل ذلك أبا لهب وغيره من كفار قرابة الرسول - عليه الصلاة والسلام- وهذا غير مراد، ونحن لا نصلي على آل الرسول الذين ليسو بمؤمنين إذن ماذا نقول؟ نقول: آله هم المؤمنون من قرابته، وبهذا يندفع اعتراض الشاعر في قوله:[البسيط]
آل النبي هم أتباع ملته ... من الأعاجم والسودان والعرب
لو لم يكن آله إلا قرابته ... صل المصل على الطاغي أبي لهب