للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا الحديث فوائد، منها: تحريم المرور بين يدي المصلي، وجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم رتب عليه الإثم، ولا يمكن أن يترتب الإثم على فعل إلا وهو محرم.

ومن فوائده: أن ظاهر الحديث لا فرق بين أن يصلي في الفضاء أو في المسجد أو في بيته، لعموم قوله: "المار بين يدي المصلي".

ومن فوائد الحديث: أنه لا فرق بين أن يكون المار يقطع الصلاة أو لا يقطعها.

ومن فوائد الحديث: أن ظاهره العموم في المصلي، وأنه لا فرق بين المصلي نفلا أو المصلي فرضا.

ومن فوائده: أن ظاهره لا فرق بين الإمام المنفرد والمأموم؛ وذلك لأنه مطلق بين يدي المصلي، أما الإمام والمنفرد فظاهر، وأما المأموم فقد دلت السنة على استثنائه، وذلك في مرور عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بين يدي المصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم في منى في حجة الوداع، وعليه فيستثنى من ذلك المرور بين يدي المأمومين، ولكن هل مروره بين أيديهم وعدمه على حد سواء؟ الجواب: لا؛ لأن مروره بين أيديهم يشوش عليهم، وربما يتأذون به، لاسيما إذا كثر الناس وهو يريد أن يركع أو يسجد سوف يتأذى، لكن أحيانا يحتاج الإنسان على المرور بين يدي المصلين، فإذا احتاج فلا بأس، وأما بدون حاجة فلا ينبغي أن يمر بين أيديهم وإن كان لا لإثم عليه.

ومن فوائد الحديث: أن الأحكام الشرعية تؤخذ من عدة صيغ: إما من الأمر، أو النهي، أو ترتيب ثواب، أو ترتيب عقاب، أو ذكر التحريم أو الإيجاب، فتؤخذ الأحكام مما يترتب عليه. ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان لو خير بين أن يقف أربعين سنة أو أن يمر بين يدي المصلي فليختر الوقوف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ذلك خير له من أن يمر بين يديه، أقول: يكفي أن يقف دقيقة؛ لأن المصلي في الغالب لن يبقى أكثر من ثلثي ساعة، يكفي أربعين دقيقة، لكن الناس ما يقفون ولا أربعين ثانية ولا أقل، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر هذا التحذير.

ومن فوائد هذا الحديث: أن المساوئ تتفاضل؛ يعني: بعضها أسوأ من بعض، كما أن الحسنات تتفاضل وجه ذلك: قوله: "حير له من أن يمر بين يديه"، ولا شك أن السيئات تتفاوت منها الصغائر والكبائر، والكبائر تتفاوت بعضها كبيرة وبعضها أكبر، وكذلك الصغائر.

ومن فوائد هذا الحديث: أن نقول: هل إذا مر المار بيد يدي المصلي هل يبطل الصلاة؟

يؤخذ من دليل آخر، فقيل: إنه لا يبطل الصلاة سواء كان رجلا أو امرأة صغيرة أم كبيرة، وقيل: بل إنه يبطل الصلاة في الثلاثة اللاتي ستذكر - إن شاء الله- فيما بعد؛ وهذا هو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>