للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفائدة الثالثة: أن الإنسان يشعر بأنه آمن مطمئن من أن يمر أحد بين يديه من أجل السترة فيطمئن؛ ولذلك انظر هذا في المسجد الحرام إذا وضعت شيئا تجعله سترة احترمه الناس وأمنت، وإن لم تضع فإنك لا تأمن أن يمر بين يديك رجل أو امرأة.

٢٢١ - وعن سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليستتر أحدكم في الصلاة ولو بسهم". أخرجه الحاكم.

قوله: "ليستتر" اللام هنا لام الأمر، ودليل ذلك جزن الفعل بها، ولام الأمر ولام كي تشتبهان عند أول وهلة ولكنهما تختلفان في العمل، لام كي، أو لام التعليل- يكون الفعل بعدها منصوبا؛ وهذه أي لام يكون الفعل بعدها مجزوما، لكن إذا كان الفعل من الأفعال الخمسة لا يظهر الفرق؛ لماذا؟ لن الأفعال الخمسة تنصب وتجزم بحذف النون، فلا يظهر الفرق إلا بالسياق، ومن الفروق بينهما في النطق: لام الأمر تختلف، فتارة ينطق بها ساكنة، وتارة ينطق بها مكسورة، أما لام التعليل فهي دائما مكسورة، لا يمكن أن تسكن، ولام الأمر تسكن بعد (ثم، والفاء، والواو) كما في قول الله تعالى: {من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء} [الحج: ١٥]. {فليمدد}: اللام هنا لام الأمر ساكنة لوقوعها بعد الفاء {ثم ليقطع فلينظر} اللام" لام الأمر، وصارت ساكنة لأنها بعد (ثم)، وقال عز وجل: {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم} [الحج: ٢٩]. قوله: {وليوفوا} اللام هنا لام الأمر، وسكنت لأنها وقعت بعد الواو، كثير من القراء الذين يعتمدون الناس على قراءتهم تجده يسكن اللام التعليل بعد هذه الحروف، وهذا لحن يختلف فيه المعنى، فيجب أن يرد على الإمام إذا قرأها ساكنة وهي لام تعليل؛ وذلك لأن هذا تعبير لحنا يحيل المعنى، إذن "ليستتر" (اللام) لام الأمر، وهنا مكسورة أم ساكنة؟ مكسورة، لأنها لم يسبقها (واو) ولا (فاء) ولا (ثم)، "ليستتر أحدكم في الصلاة والمراد بذلك: السترة التي وضع أما المصلي، وليس المراد: السترة التي يلبسها المصلي.

"ليستتر أحدكم في الصلاة ولو بسهم" السهم الذي يرمى به، وهو عبارة عن شيء دقيق مدبب الرأس يرمى به بالقوس فهو صغير كالأصبع أو يزيد قليلا، وإذا نسبته إلى مؤخرة الرحل صار صغيرا جدا بالنسبة لها.

في هذا الحديث فوائد، منها: الأمر بالسترة في الصلاة، وهل هذا الأمر للوجوب أو للاستحباب؟ نقول: أولا ليس من حقنا إذا ورد في الكتاب والسنة أمر أن نقول: إنه للوجوب،

<<  <  ج: ص:  >  >>