ومن فوائد هذا الحديث: أن طلب التعليم لا يدخل في السؤال المذموم، لأن الرجل قال:"علمني"، وليس كالمال؛ يعني: سؤال العلم أهون بكثير من سؤال المال؛ لأن المال النفوس مجبولة على محبته، فسؤال الغير المال يكون ثقيلًا عليهم، لكن العلم ليس ثقيلًا على النفوس وبذله سهل، فسؤاله ليس فيه كراهة إطلاقًا، بل قد نقول: إنه واجب، ولكن هل نقول: إن الإنسان ينبغي أن يسأل في الوقت المناسب، أو يسأل ولو شق على المسئول؟ الأول: أحيانًا لا يناسب السؤال، لاسيما إذا لم يكن ضروريًا فهنا لا تسأل تحرج صاحبك، ربما يتحمل ويتحمل ويتحمل، لكن مع إحراج؛ مثل أن يكون محتاجًا إلى أن يقضي حاجته، أو محتاجًا إلى موعد قرره من قبل أو ما أشبه ذلك، ويعلم هذا بحال العالم الذي تريد أن تسأله فرق بين أن يكون متأهبًا لتلقي الأسئلة، وأن يكون على عجل، فلا تسأل إلا عن المسائل الضرورية فلا بد منها.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يشرع الوضوء لكل صلاة؛ لقوله:"إذا قمت إلى الصلاة" وهذا يعم جميع الصلوات، ولكنه ليس على سبيل الوجوب إلا على من أحدث؛ ولهذا قال أهل العلم: يستحب تجديد الوضوء عند كل صلاة؛ لأنهم أخذوا هذا من عموم قوله تعالى:{يا أيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا}[المائدة: ٦]. ولكن لا يجب إلا عن حدث؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصلي أحيانًا الصلوات الخمس كلها بوضوء واحد.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الوضوء شرط لصحة الصلاة؛ لأنه أمر به للصلاة وهو سابق عليها، وكل ما يجب للصلاة قبلها فهو من شروطها؛ لأن الأركان نفس ماهية العبادة والشروط سابقة تقضي قبل الدخول في العبادة، لكن بعضها قد يلزم أن يصحب العبادة إلى آخرها كاستقبال القبلة، والطهارة، وستر العورة، وما أشبه ذلك.
ومن فوائد هذا الحديث: عدم التفصيل في المجمل إذا كان معلومًا؛ لقوله:"أسبغ الوضوء"، ولم يبين كيف الوضوء؛ لأنه معلوم على أنه ربما يكون هذا الرجل لا يعرف الوضوء لكن لو كان لا يعرفه لقال: علمني؛ لأن المقام مقام تعليم.
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب استقبال القبلة؛ لقوله:"ثم استقبل القبلة"، وسبق لنا أن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة إلا في مواطن، ما هي؟ يسقط في النافلة في السفر، وعند الخوف، وعند العجز، كمريض لا يمكن أن يوجه للقبلة، وأسير، وما أشبه ذلك، وإذا اجتهد وأخطأ.
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب تكبيرة الإحرام لقوله بلفظ: "الله أكبر"، فلو أتى بلفظ يدل عليها مثل أن يقول: الله أعظم، لا يجزئ إلا "الله أكبر" بهذا اللفظ، لو قال: الله أجل، أو أعظم، أو أعلم ما يكفي، ولها شروط في الواقع: يشترط أن تكون بهذا اللفظ، ويشترط الترتيب بين الكلمتين "الله أكبر" فلو قلت: الأكبر الله، لم يجزئ؛ لأن الألفاظ الأذكار توفيقية، ويشترط ألا يمد