الركوع، إلا شيخنا عبد الرحمن رحمه الله فإنه اتبع في ذلك نص الإمام أحمد، وقال: إن الإنسان مخير بين أن يضع اليد اليمنى على اليسرى وأن يرسل، ورأيته يرسل كثيرًا.
- وللنسائي وأبي داود من حديث رفاعة بن رافع:"إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى ثم يكبر الله تعالى، وبحمده، ويثنى عليه".
- وفيها:"فإن كان معك قرآن فاقرأ وإلا فاحمد الله، وكبره، وهلله".
قال:"لا تتم"، ولم يقل: لا تصح، أو لا تقبل، وفرق بين التعبيرين بين "لا تتم"، أو "لا تصح أو لا تقبل"، أو ما أشبه ذلك، "حتى يسبغ الوضوء"، كما أمره الله لقوله تعالى:{يا أيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق واسمحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}[المائدة: ٦]. "كما أمره الله تعالى" أي: ترفع سبحانه عن كل نقص، فتعالى في مكانه وتعالى في صفاته. "ثم يكبر الله تعالى" وهذه تكبيرة الإحرام. "ويحمده ويثنى عليه" هذا الاستفتاح، وفيها- أي: في هذه الرواية-: "فإن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله".
في هذه الرواية في حديث رفاعة فوائد:
منها: أن ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي تتم به الصلاة، وتمامها هنا يتناول الواجب والمستحب كما سيتبين.
ومن فوائدها: أن الوضوء شرط لصحة الصلاة ويكون سابقًا.
ومنها: وجوب الترتيب في الوضوء لقوله: "كما أمره الله".
ومنها: أنه لو مسح المغسول وغسل الممسوح لم يجزئه، ما هو الممسوح، الرأس، والمغسول؟ الباقي؛ لأن قوله:"كما أمر الله" هو أمر بالغسل: الوجه واليدين والرجلين، وأمر بمسح الرأس، فلو مسح المغسول وغسل الممسوح لكان غير صحيح؛ لأمه لم يتوضأ كما أمر الله، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد". أي: مردود على صاحبه، فأما إذا مسح المغسول فلا شك أن وضوءه لا يصح؛ لأن المسح دون الغسل، ولا يمكن أن يجزئ الأدنى عن الأعلى.
لو قائل: إذا غسل المسموح، فالغسل أكمل.
فيقال في الجواب عن هذا: الغسل أكمل لكن الشرح أكمل فيجب اعتناق الشرع، والله عز وجل، يقول:{ليبلوكم أيكم أحسن عملًا}[الملك: ٢].
فإن قال قائل: إن إيجاب المسح في الرأس رخصة؛ لأنه لو أمر الناس أن يغسلوا رءوسهم في الوضوء لشق عليهم ذلك، في أيام الشتاء المشقة ظاهرة؛ لأن الشعر سيحتقن فيه الماء وهو