فإن أبى آبٍ إلا أن يقول: ظاهر الحديث أنه يفترش رجله اليسرى وينصب اليمنى في جلسات الصلاة للتحيات الأولى والثانية.
قلنا: هذا الظاهر مرفوع بما جاء صريحًا في حديث أبي حُميد وغيره أنه في الصلاة الثلاثية والرباعية يتورك في التشهد الأخير ولا يفترش، ولهذا اختلف العلماء- رحمهم الله- في هذه المسألة؛ فمنهم من قال: إنه يفترش في جميع جلسات الصلاة في التحيات الأولى والثانية وبين السجدتين، ومنهم من فصّل، وهذا التفصيل هو الصواب.
إذن التشهد الأخير تورك، التشهد الأول افتراش، الجلوس بين السجدتين افتراش.
ومن فوائد هذا الحديث: النهي عن مشابهة الشيطان لقولها: "وكان ينهي عن عقبة الشيطان".
فإذا قال قائل: الحديث نهى عن التشبه بالشيطان في شيء واحد وهو الجلسو، فكيف تُعَمم؟
فالجواب عن هذا: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أضاف العقبة إلى الشيطان تقبيحًا لها لكونها قعدة الشيطان.
ثانيًا: أن لدينا حديثًا عامًّا وهو: "أن من تشبه بقوم فهو منهم"، ولا يمكن أن يرضى أحد بتشبهه بالشيطان، وسبق القول في عقبة الشيطان أنها: أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه، وظاهر هذا الحديث العموم؛ لأن سواء كانت القعدة بين السجدتين أو في التشهدين، وهذا ما ذهب إليه أصحاب الإمام أحمد- رحمهم الله- وقالوا: إن هذه القعدة مكروهة، ولكن ابن عباس- رضي الله عنهما- ذكر أن هذا الإقعاء من السُّنة، ولا يبعد أن يكون ابن عباس- رضي الله عنهما- رأى النبي يفعل ذلك ولم يعلم بما فعله أخيرًا من كونه يفترش أو يتورك، وقولهم:"لا يبعد" ليس معناه يقينًا، لكن لا يبعد هذا كما فعل عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- في التطبيق والوقوف بين المأمومين، حيث كان ابن مسعود- رضي الله عنه- يقف بين المأمومين، يعني: إذا صاروا ثلاثة وقف بينهما، ولكن هذا الحكم منسوخ؛ لأنه إذا كان الجماعة ثلاثة صار إمامهم أمامهم.
ثانيًا: التطبيق: أن يضع إحدى يديه إلى الأخرى بين فخذيه إذا ركع، ابن مسعود- رضي الله عنه- متمسك بهذا مع أنه منسوخ؛ لأن الرجل إذا ركع أين يضع يديه؟ على ركبتيه، فلا يبعد أن يكون ابن عباس- رضي الله عنهما- كحال عبد الله بن مسعود.
ومن فوائد هذا الحديث: النهي أن يفترش المصلي ذراعيه كافتراش السبع، والسبع هنا