للمورود وإلا لنقص علمه، فليس كل عالم وارثا للنبي لكنه له من إرث النبي نصيب، إذا كان عنده علم وعنده تقصير في العبادة، أو عنده علم وعنده تقصير في نشر العلم، أو عنده علم ونده تقصير في الدعوة إلى الله، أو عنده علم وعنده تقصير في الجهاد ونقول: له من إرثهم نصيب، والوراثة لا تتحقق إلا بإرث جميع الموروث، ابن وأم كم للأم؟ السدس، هل هي ورثت من ابتنها أو في بعض ماله؟ في بعض ماله، كذلك إرث الأنبياء إذا لم يكن على شكل ما جاءت به الأنبياء فإن الإرث يكون ناقصا بحسب ما نقص من العلم.
ثم قال:"أكرم بهم وارثا وموروثا" هذه صيغة تعجب؛ لأن "أكرم بهم" بمعنى: ما أكرمهم وارثا وموروثا، لكن التعجب يكون ب "ما أفعل" ويكون ب "أفعل به". أكرم بهم وارثا وموروثا يقولون: إن "أكرم" تخالف الصيغ العادية لكونها على صيغة أفعل، وكون فاعلها ظاهرا؛ لأن "بهم" الهاء في الحقيقة هل الفاعل وإن كانت جارا ومجرورا.
وقوله:"وارثا" إما أن تكون حالا من الضمير في "بهم"؛ لأنها اسم مشتق، ويمكن أن تكون تمييزا على حد قولهم: لله دره فارسا، بحيث قال: إنه تمييز مع أنه مشتق، على كل حال مسألة الإعراب أمرها هين. "وموروثا" من الموروث؟ الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام- مورثون؛ والوارث من بعدهم من ورث العلم.
قال:"أما بعد"، أما بعد قال بعض المصنفين إنها كلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر لكن هذا فيه نظر ولكنها كلمة يؤتى بها للانتقال من المقدمة إلى الموضوع، ما هو من أسلوب إلى آخر لو تغير الأسلوب ما نجيء ب "أما بعد" لكن نأتي بها للانتقال من المقدمة إلى الموضوع.
سبق لنا أن أصل أدلة الأحكام هو القرآن وأن السنة متممة له، وسبق لنا أن الناظر في أدلة القرآن لا يحتاج إلى البحث عن سنده، لأنه متواتر معلوم علما يقينيا، وأما الناظر في السنة فيحتاج إلى أمرين:
الأمر الأول: ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: الدلالة، دلالة النص على الحكم، وعلى هذا فإذا استدل عليك مستدل بآية من القرآن فماذا تطالبه؟ أقول: ما وجه الدلالة، وإذا استدل عليك مستدل بالسنة أطالبه أولا بصحة النقل؛ فإذا صح النقل حينئذ أناقشه في صحة الدلالة، ومن ثم احتاج العلماء - رحمهم الله- إلى أن ينظروا في الرواية من وجهين:
الوجه الأول: من حيث الثقة، وذلك يعود إلى الحفظ والأمانة.
الوجه الثاني: ومن حيث الاتصال؛ وذلك يعود إلى العلم بتواريخ حياتهم ولادة ووفاة لئلا