استطعتم}، وقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" وكيف يرمي برأسه في الركوع؟ ينحني، وفي السجود: ينحني أكثر، فإن لم يستطع الإيماء بالرأس أو ما بالعين عند بعض أهل العلم؛ لأنه ورد فيه حديث لكنه ضعيف، فأخذ به الفقهاء -رحمهم الله- فقالوا:"يومئ بعينه"، وهل يومئ بالأصبع؟ لا، الإيماء بالأصبع ما وجدت له أصلًا لا في السنة ولا في أقوال أهل العلم، لكن العامة يستحسنونه قالوا: لأن الأصبع مثل البدن، لكن هذا استحسان عامي لا يعتمد عليه، ما دام أنه لا أصل له في السنة ولا في كلام أهل العلم فإنه لا يعتمد عليه.
٣١٥ - وعن جابر (رضي الله عنه) قال: "عاد النبي (صلى الله عليه وسلم) مريضًا، فرآه يصلي على وسادةٍ، فرمى بها، وقال: صلى على الأرض إن استطعت، وإلا فأوم إيماءً، واجعل سجودك أخفض من ركوعك". رواه البيهقي، وصحيح أبو حاتم وقفه.
هذا فيه دليل على أنه لا ينبغي للمريض إذا عجز عن الوصول إلى الأرض أن يصنع له وسادة يسجد عليها سواء صح هذا الحديث مرفوعًا أو موقوفًا، وذلك لأننا منهيون عن التكليف، وهذا من التكليف، فما دام الله تعالى قد أوسع علينا- والحمد لله- أن نومئ فلا حاجة أن نأتي بوسادة لنسجد عليها. نعم، لو فرض أن إنسانًا مصابًا بوجع في رأسه أو بعينه، ولا يستطيع أن يتحرك إلا إذا شد رأسه فهو يضع الوسادة، لا لأجل أن يسجد عليها لكن لأجل أن يلين رأسه، هذا يكون الغرض منه ليس هو التعبد، ولكن الغرض هو التطبب لا بأس به، أما إذا كان من أجل أن يسجد عليها تعبدًا لله تعالى فهذا لا ينبغي، ولهذا قال أهل العلم: إنه يكره أن يرفع وسادة يسجد عيها، كأن المؤلف (رحمه الله) أتى بحديث عمران بن حصين بعد حديث مالك ليبين أن عموم قوله (صلى الله عليه وسلم): "صلوا كما رأيتموني أصلي" مخصوص بهذا الحديث وأمثاله أن من لا يستطيع أن يصلي كما صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فليصلي بحسب استطاعته وحاله.
وأعلم أن الصلاة لا تسقط عن المريض أبدًا ما دام عقله ثابتًا، لكن إذا قدر أن هذا المريض لا يستطيع أن يتوضأ، ولا يستطيع أن يتيمم، ولا يستطيع أن يجتنب النجاسة في ثوبه أو بدنه أو مصلاه، فماذا يفعل؟ يصلي على حسب حاله، وهذه مسألة: كثير من العامة يبقى في المستشفى