معه" وهذا الحديث يقول المؤلف: إن في سنده لينا، واللين معناه: أنه ليس بالقوي؛ لأن اللين ضد القوي، فيكون في هذا الحديث ضعف، ولهذا كان بعض أهل العلم يقولون: إن سجدة التلاوة ليس لها تكبير، وبعضهم يقول: لها تكبيرتان: تكبير عند الانحطاط، وتكبير عند النهوض، كما أنهم قد اختلفوا في إثبات التسليم لسجود التلاوة أيضًا، فللعلماء- في ذلك-؛ أي: في أن سجدة التلاوة يكبر لها ويسلم لهم على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه إذا سجد يكبر للسجود وعند الرفع يسلم، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد ولكنه ضعيف؛ لأنه لا دليل عليه، والعبادات توقيفية لا تثبت إلا بدليل.
والقول الثاني: أنه لا يكبر للسجود ولا يكبر للرفع من السجود ولا يسلم لها؛ لأن ذلك لم يصح عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، وأهل هذا القول ضعفوا هذا الحديث الذي رواه أبو داود، وقالوا: إن الضعيف لا تقوم به حجة.
والقول الثالث: هو وسط أنه يكبر إذا سجد، ولا يكبر إذا قام ولا يسلم، قالوا: لأن هذا التكبير ورد فيه هذا الحديث، وأما التكبير إذا قام والتسليم فلم يرد فيه حديث أصلًا، ولكنه على الخلاف في غير ما إذا كان السجود في صلب الصلاة، أما إذا كان السجود في صلب الصلاة فلابد من التكبير عند السجود، وعند الرفع منه؛ لأنه إذا كان السجود في الصلاة فله حكم سجود الصلاة؛ ولهذا جميع الواصفين لصلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) - ومنهم أبو هريرة (رضي الله عنه) الذي روى عنه أنه سجد في سورة الانشقاق في صلاة العشاء- كل الذين يذكرون التكبير يقولون: إنه كان يكبر كلما خفض وكلما رفع، ولا يستثنوا من ذلك شيئًا، فإذا جاءت العبارة عامة كلما خفض وكلما رفع قد علم منها أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كان يسجد سجود التلاوة في صلاة الفريضة، فإن هذا العموم يتناول سجود التلاوة، وعلى هذا فنقول: إذا كنت في صلاة وسجدت للتلاوة فكبر إذا سجدت وإذا رفعت، وإذا كنت خارج الصلاة فكبر إذا سجدت، ولا تكبر إذا قمت ولا تسلم.
سجود الشكر:
٣٣٣ - وعن أبي بكرة (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم): "كان إذا جاءه أم يسره خر ساجدًا لله". رواه الخمسة إلا النسائي.
٣٣٤ - وعن عبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنه) قال: "سجد النبي (صلى الله عليه وسلم) فأطال السجود، ثم رفع رأسه فقال: إن جبريل أتاني فبشرني، فسجدت لله شكرًا". رواه أحمد وصححه الحاكم.