الزوال، وقال بعض أهل العلم- وذهب إليه الإمام أحمد-: إلى أنها تجوز قبل الزوال، ثم على هذا القول اختلف القائلون به هل تجوز قبل الزوال بقليل بحيث تكون جائزة في الساعة السادسة مثلًا، أو تجوز من حين ارتفاع الشمس قدر رمح؟ على قولين المشهور من المذهب الثاني، أي: أن وقت صلاة الجمعة يدخل إذا ارتفعت الشمس قدر رمح؟ يعني: بعد طلوعها بنحو ربع ساعة، مثل العيد، لكن العيد ينتهي قبل الزوال وهي لا تنتهي إلا عند العصر أطول من العيد.
ولننظر الآن هذه الأحاديث أيّ الأقوال تؤيد يقول الأول:"كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة"، وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة- كما تعلمون- يقرأ: بـ"سبح اسم ربك الأعلى"، و"الغاشية"، وربما قرأ بـ"الجمعة"، و"المنافقون"، وكان الرسول- عليه الصلاة والسلام- يقطع قراءته آية آية، وكان يخطب فربما خطب بسورة (ق) وهي طويلة، اجتماع هذه القرائن يدل على أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- يبادر بها، وهذا الحديث الذي معنا- حديث سلمة- يقول:"ليس للحيطان ظل يستظل به"، الحيطان جمع حائط وهي ما يحوط المكان، والمراد: حيطان البيوت، وتعرفون أن البيوت في عهد الرسول- عليه الصلاة والسلام- ليست طويلة [بل] قصيرة، والحديث يقول:"ليس لها ظل"، فهل المنفي هنا الظل أو الظل بقيد يستظل به؟ الواضح أن النفي هو الظل بقيد أنه يستظل به، وعلى هذا فلا ينفي وجود أصل الظل، ويؤيد ذلك قوله في لفظ مسلم:"ثم نرجع نتتبع الفيء"، وهذا هو المتعين في الحديث، وقيل: إن معنى قوله: "يستظل به" تفسير للظل وليس تقييدًا له، يعني: وليس للحيطان ظل؛ لأن الظل يستظل به فيكون تفسيرًا له، وليس تقييدًا له، ومن المعلوم أن هذا التأويل ضعيف، والذي يضعفه أن الظل معروف أنه الذي يستظل به.
٤٢٤ - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال:"ما كنّا نقيل ولا نتغدّى إلا بعد الجمعة"، متفق عليه، واللفظ لمسلم. وفي رواية:"في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم".
قوله:"ما كنا نقيل" القيلولة هي: النوم نصف النهار، وأما الغداء فهو: الطعام في أول النهار، يعني: في الغدوة، والغدوة هي: أول النهار، ومعلوم أن الغداء لا بد أن يكون قبل الصلاة والقيلولة النوم نصف النهار، فيقول:"ما كنا نقيل إلا بعد صلاة الجمعة"، إذن فالجمعة قبل الزوال ما دامت القيلولة عند الزوال- النوم نصف النهار- كما قال الإمام أحمد، فهذا يقتضي أن تكون الجمعة قبل الزوال، وكذلك قوله:"ولا نتغدى" يدل على أن الجمعة يُبكر فيها؛ لأن الغداء لا